أخنوش يستعرض ركائز الإصلاح الهيكلي للمنظومة الصحية
أخنوش يستعرض ركائز الإصلاح الهيكلي للمنظومة الصحية
استعرض رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، ركائز الإصلاح الحقيقي والهيكلي للمنظومة الصحية، معتبرا أن هذا الإصلاح لا يقتصر على الجزئيات المتعلقة بالإمكانات المادية والبشرية، بل يقتضي تجاوز الاختلالات العميقة على مستوى الحكامة المؤسساتية والتدبيرية.
وأكد أخنوش، يوم الاثنين 13 يونيو 2022، في معرض جوابه على سؤال محوري خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب، حول موضوع « ورش الارتقاء بالمنظومة الصحية الوطنية » أن الحكومة عملت على أن يرتكز البرنامج الإصلاحي الهيكلي لقطاع الصحة على إرساء حكامة جيدة للقطاع على المستوى المركزي والجهوي، من أجل تسهيل وتنسيق اتخاذ القرار وضمان الالتقائية والانسجام بين كافة المتدخلين وكل البرامج القائمة لتحقيق التكامل في ما بينها.
الإصلاح لتجاوز أعطاب المنظومة
وتابع رئيس الحكومة أن من شأن هذا البرنامج الإصلاحي أن يساهم في تجاوز أعطاب المنظومة الصحية، ويمكن من رفع المعيقات التشريعية المؤطرة لقطاع الصحة، من خلال سن قواعد جديدة لتحسين العرض الصحي وتجاوز الإكراهات التي تحد من مردودية القطاع.
وأشار في هذا الصدد إلى أن الحكومة أعدت، في هذا الإطار، مشاريع قوانين تتعلق بالمجموعات الصحية الجهوية والتي ستضم على مستوى كل جهة جميع البنيات الصحية من مستشفيات إقليمية وجهوية وجامعية ومراكز القرب.
وشدد على أن المنظومة الصحية يتعين أن ترتكز على انتظارات وحاجيات المريض، وليس على التقسيم الإداري، « لذلك تم إحداث مجموعات صحية جهوية، من مراكز القرب للمستشفيات الجامعية لتوجيه المريض حسب احتياجاته وبناء مسار صحي جهوي وترشيد الموارد البشرية والتقنية ».
وأبرز أخنوش أن هذه المجموعات الصحية الجهوية تعتبر مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال في تدبير الموارد المالية والبشرية، وسيتم تمكينها من صلاحيات واسعة لتدبير الخدمات الصحية في إطار عقد نجاعة مع القطاع الوصي، وهو ما سيضمن استغلالا أمثل للموارد البشرية والمالية، ويوجه الاستثمارات العمومية وفق معايير مضبوطة ومحددة، في انسجام وتكامل مع منهج الجهوية المتقدمة، بما يحقق العدالة المجالية على المستوى الصحي في تراب المملكة.
ولأجل ضمان عرض صحي عادل ومنصف على مستوى تراب المملكة، يضيف أخنوش، تعمل الحكومة على إحداث الخريطة الصحية الجهوية، والتي تهدف إلى تحديد جميع مؤهلات الجهة من حيث البنيات التحتية في القطاع العام والخاص وكذا الموارد البشرية، مما سيساعد المجموعات الصحية الترابية في تحديد أولويات الاستثمار في مجال الصحة والحماية الاجتماعية على مستوى كل جهة لتعزيز العرض الصحي الجهوي وتقليص الفوارق المجالية.
وقال، إنه من شأن هذه المنظومة المتكاملة أن تعمل على توضيح المسار الطبي للمريض، وضمان سلاسة التدخلات العلاجية، انطلاقا من المراكز الصحية الأولية ووصولا إلى المستشفيات الجامعية التي ستشكل قاطرة الشبكة الاستشفائية على الصعيد الجهوي.
كما ستعمل الحكومة، حسب أخنوش، على وضع الإطار النظامي والعلمي لاختصاص « طبيب الأسرة » ، موضحا أن هذا الإطار يقتضي تعيين طبيب مكلف بعدد من الأسر، توكل له مهمة تتبع وتوجيه المرضى، عند الاقتضاء، نحو البنيات القادرة على توفير علاج غير متاح في مراكز القرب وتوجيههم نحو مختلف المؤسسات الاستشفائية ذات التخصصات المتعددة.
مخطط لرفع عدد الطلبة
وفي هذا الشأن كشف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن الحكومة وضعت مخططا طموحا للرفع من عدد الطلبة في المهن الطبية، وذلك في إطار تدارك النقص الحاصل في الموارد البشرية بقطاع الصحة.
وأضاف أخنوش، أن هذا المخطط يعتمد على الرفع من عدد المقاعد البيداغوجية المفتوحة في وجه الطلبة في كل من كليات الطب والصيدلة وكليات طب الأسنان، وتوسيع نطاق مجالات التدريب الميداني لتشمل المجموعات الصحية الجهوية.
وأضاف أن المخطط الذي سيتم تفعيله ابتداء من الموسم الدراسي 2022/2023، يروم، أيضا، رفع عدد مقاعد الطلبة المسجلين في كليات الطب والصيدلة العمومية والخاصة بنسبة 20 في المائة ومضاعفتها تدريجيا في آخر هذه الولاية.
موارد بشرية وإمكانات مادية
وفي هذا الصدد أشار أخنوش إلى أن الحكومة تعتزم، من أجل بلوغ هذه الأهداف المسطرة، توفير كافة الموارد البشرية والإمكانات المادية من خلال مضاعفة أعداد الأطباء المتخرجين مرتين، وثلاث مرات أعداد خريجي مدارس التمريض.
وبذلك، يتابع رئيس الحكومة، سيمكن هذا المخطط على المدى المتوسط (في أفق 2025 – 2026) من تجاوز مستوى التأطير البالغ 23 إطارا طبيا وشبه طبي لكل 10.000 نسمة كما تحدده المنظمة العالمية للصحة كحد أدنى للاستجابة للحاجيات الصحية للساكنة، وبلوغ الأهداف الرقمية للنموذج التنموي الجديد في أفق 2035، أي 45 إطارا لكل 10.000 نسمة.
وفي سياق متصل شدد أخنوش على الدور الهام والمحوري الذي تشكله الموارد البشرية في إنجاح أي عملية إصلاحية بالقطاع الصحي، في سياق سمته تنامي هجرة الأطباء المغاربة (حوالي 30 إلى 40 بالمائة من خريجي كليات الطب المغربية)، وضعف جاذبية مباريات التوظيف في القطاع العام، وعدم تكافؤ التوزيع الترابي للأطر الطبية، وعدم تحقيق هدف تكوين 3.300 طبيب سنويا في أفق 2020، مسجلا أن هذه المؤشرات قد تؤدي إلى انخفاض أعداد الأطباء ما يهدد قدرتنا على تعزيز الولوج إلى الرعاية الصحية.
مراجعة القانون الإطار
وفي هذا السياق اعتبر أخنوش أن الحكومة، ستعمل على مراجعة عميقة وشاملة للقانون الإطار رقم 34/09 للمنظومة الصحية وعرض العلاجات، والذي يعد المدخل الأساسي لتنزيل المحاور والمبادئ الحديثة المؤطرة للمنظومة الصحية، ومن بينها مشروع قانون الضمانات الأساسية للموارد البشرية بالوظيفة الصحية الذي شكل التزاما صريحا للأغلبية ويعتبر ابتكارا حكوميا جديدا يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المهن الصحية.
وقال إن هذا القانون الذي سيأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مختلف الفئات العاملة بالقطاع الصحي، سيعمل على تقوية ضمانات الحماية القانونية للموظفين، وسيعمل على إرساء نمط جديد للعمل داخل قطاع الصحة، باعتماد نظام تحفيزات إضافية مرتبطة بالمردودية، بالإضافة إلى ترسيخ إلزامية التكفل بالتكوين المستمر للعاملين بالقطاع، وهو ما من شأنه أن يساهم في تحفيز العنصر البشري ويعمل على تحسين جاذبية القطاع الصحي العمومي.
وسجل ،في هذا الصدد، حرص الحكومة على اعتماد مقاربة تشاركية واسعة مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين قبل إخراج هذا القانون، انسجاما مع منهج الإنصات والتشاور الذي رسخته الحكومة منذ أول أيام اشتغالها في التعاطي مع مختلف الملفات والقضايا الهامة.
تطوير البنيات التحتية
من جهة أخرى، أكد رئيس الحكومة أنه لا يمكن الحديث عن إصلاح جوهري وحقيقي للقطاع الصحي دون التوقف عند تطوير البنيات التحتية بما يضمن جودة خدمات المرفق الصحي، وتجويد الخدمات العلاجية المقدمة لفائدة المواطنين، وضمان العدالة الاجتماعية والمجالية في الولوج إلى الخدمات.
وفي هذا الإطار، ستعمل الحكومة، يضيف أخنوش، على تأهيل البنيات التحتية الطبية بما يلائم الأهداف الإصلاحية، حيث سيتم العمل على تشييد مركز استشفائي جامعي بكل جهة ليكون قاطرة المجموعات الصحية الجهوية.
ولفت رئيس الحكومة في هذا الصدد الى أن ذلك يندرج ضمن « أولوياتنا للرفع من مستوى أداء البنى التحتية العلاجية سواء الجهوية أو الإقليمية أو المحلية، حيث سيتم تأهيل 1.400 مركز صحي للقرب في غضون 18 شهرا المقبلة ».
رقمنة المنظومة الصحية
وموازاة مع ذلك، أشار إلى أن الحكومة تعتزم رقمنة المنظومة الصحية، وربطها بالنظام المعلوماتي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قصد إحداث نظام البطاقة الصحية الرقمية التي تمكن من تتبع مسار علاج المريض من المركز الصحي للقرب إلى المستشفى الاستشفائي الجامعي.
وأبرز أخنوش أن الحكومة بصدد وضع اللمسات الأخيرة على هذا المشروع الرقمي الهام الذي سيتيح للمراكز الصحية والمستشفيات نظاما معلوماتيا سيساهم في تبسيط المساطر وضمان سلاسة ولوج المواطنين للخدمات الصحية وتأطير المسار العلاجي للمرضى، ما سيشكل نقلة نوعية حقيقية في العلاج الطبي الذي سيعتمد على إحداث الملف الطبي المشترك لكل مريض.
كما ستعمل الحكومة، يتابع السيد أخنوش، على تطوير خدمة التطبيب عن بعد في المرافق الصحية بمجموع التراب الوطني وخاصة، وبدرجة أولى، بالأقاليم التي تعيش وضعية عزلة صحية بحيث سيتم تدريب المهنيين التابعين للمستوصفات على استعمال معدات وممارسات التطبيب عن بعد.
هيئة عليا للصحة
وفي هذا الشأن أعلن رئيس الحكومة، أنه سيتم إحداث الهيئة العليا للصحة، وذلك لضمان استمرارية السياسة الصحية بالمملكة وجودتها، معتبرا أن هذه المؤسسة الاستراتيجية الهامة ستعمل على تقنين التغطية الصحية الإجبارية عن المرض وتقييم نجاعة أداء وجودة الخدمات المقدمة من طرف مختلف الفاعلين بالقطاعين العام والخاص، إضافة إلى العمل على إعداد مراجع تكوينية ودلائل الممارسات الجيدة في المجال الصحي وحسن استخدام العلاجات وتوزيعها على المرتفقين ومهنيي الصحة.
وسجل أنه من شأن هذه المؤسسة ضمان استمرارية حقيقية للسياسات الصحية الوطنية، وتوفير الاستقرار المطلوب للمخططات والأوراش الكبرى، فضلا عن ملاءمة السياسة الصحية مع التوجهات العامة للتغطية الصحية الشاملة وضمان التنسيق والتكامل بين المنظومتين.
وفي سياق ذي صلة، أفاد رئيس الحكومة أنه لتعزيز حكامة السياسة الدوائية بالمملكة، تطمح الحكومة في إطار برنامج الإصلاح الهيكلي للمنظومة الصحية، إلى إحداث الوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية التي ستتمتع باستقلال مالي وإداري وستعمل على تنسيق عملية تطوير السياسة الصيدلانية الوطنية والمشاركة في تنفيذها خدمة لقطاع الصحة العمومية، إضافة إلى مواكبة التحولات والتحديات المطروحة بالنسبة للسياسة الدوائية.
من جهة أخرى، ذكر أخنوش أن الحكومة ستعمل على إحداث الوكالة المغربية للدم في أقرب الآجال لضمان تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات الدموية الثابتة والمتحولة والتي تتوفر فيها الشروط الضرورية لإسعاف حياة المواطنين، وذلك وعيا بالإشكالات التي تعرفها مرافق تحاقن الدم بالمغرب، واعتبارا لكون مسألة توفير الدم ومشتقاته تعتبر ذات أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لصحة المواطن، وفي الوقت الذي لا يتجاوز فيه المخزون الاستراتيجي بضعة أيام. وأبرز أن هذه الوكالة ستتولى مهمة إعداد وتنفيذ استراتيجية وطنية لتوفير الدم ومشتقاته، إضافة إلى صلاحية الترخيص لإحداث مخازن للدم داخل المؤسسات الإستشفائية للمجموعات الصحية الجهوية، وإحداث وتطوير الأنشطة التشخيصية والعلاجية والسهر على تطبيق القواعد المتعلقة باليقظة عند جمع الدم من المتبرعين.
Poster un Commentaire