logo-mini

التهويل الإعلامي لكورونا أجج خوف و قلق الناس : و الذكاء العاطفي سبيل للصحة النفسية

Partager

التهويل الإعلامي لكورونا أجج خوف و قلق الناس : و الذكاء العاطفي سبيل للصحة النفسية

لا ريب أن جائحة فيروس كورونا المستجد، التي اجتاحت دول العالم، غيرت نمط حياة الناس و أثرت على مختلف جوانب حياتهم، لا سيما النفسية و العاطفية، و ما رافق ذلك من تهويل إعلامي و هو ما يضع الفرد أمام اختبار مدى قدراته النفسية و العاطفية على التعايش مع الأحداث المفاجئة و غير المرغوب فيها التي رافقت ظهور و انتشار الفيروس و التي يجهل متى سوف تنتهي.

و بالموازاة مع ظهور فيروس كورونا المستجد نهاية دجنبر الماضي في الصين و انتشاره فيما بعد على المستوى العالمي، ضجت مواقع التواصل الإجتماعي بالأخبار المتعلقة بالجائحة، في مشهد يعكس مدى التوهيل الإعلامي لوباء كوفيد-19، و الذي أجج حسب مختصين الخوف في نفوس الناس و زاد من منسوب القلق لديهم، الأمر الذي يسائل دور الذكاء العاطفي في خدمة الصحة النفسية للإنسان في زمن كورونا، من خلال تحكم الفرد في خوفه و جعله إيجابيا.

تهويل إعلامي

التهويل الإعلامي لفيروس كورونا، يظهر جليا من الم الهائل من الأخبار و المعلومات المتعلقة بالوباء، المتداولة عبر وسائل الإعلام و كذا عبر صفحات التواصل الاجتماعي، إذ بات الناس تحت وطأة القلق و الخوف من الفقدان ومن المرض، علاوة على المشاكل الأسرية و الصعوبات الاقتصادية و الاجتماعية.

و في هذا الشأن يرى الدكتور مبارك ديمو، البروفيسور السابق للتخدير و الإنعاش و المستعجلات بكلية الطب و الصيدلة بالرباط، أن التهويل الإعلامي لوباء كوفيد-19 أجج الخوف في نفوس الناس و زاد من منسوب القلق لديهم.

و بهذا الخصوص سجل الدكتور مبارك ديمو، في مداخلة له ضمن أشغال المؤتمر الدولي الرابع للجمعية المغربية لطب المستعجلات، يوم السبت الماضي، أنه « بالإضافة إلى الضغط و القلق و الخوف »، تفاقمت الآثار النفسية الناجمة عن الأزمة إلى حد بعيد بسبب شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.

و أمام هذه المعطيات يطرح السؤال حول ما مدى حاجة الناس للذكاء العاطفي في حياتهم لمواجهة التحديات النفسية التي فرضتها جائحة كورونا.

في الحاجة للذكاء العاطفي

خلال مداخلته ضمن أشغال المؤتمر الدولي الرابع للجمعية المغربية لطب المستعجلات، تطرق الدكتور مبارك ديمو إلى الذكاء العاطفي في حالات الطوارئ، حيث دعا الجميع إلى الاعتماد على « الوعي الذاتي »، موضحا أن هذا هو السبيل إلى « تحكم الفرد في خوفه و جعله إيجابيا ».

و شدد المتحدث ذاته على أن المجال العاطفي للحياة اليومية واسع جدا و يصعب تحديده، و أن الوعي، الذي يشكل 5 في المائة فقط من رأس مالنا غير الملموس، « ضئيل ولكنه مهم جدا »، مؤكدا أنه « كلما طورنا وعينا، زاد استخدامنا له، و كانت مشاعرنا إيجابية ».

و يمر الإنسان بعديد المواقف و الأحداث في حياته، و لعل من أبرزها في و قتنا الراهن جائحة فيروس كورونا التي اجتاحت العالم، إذ يجد الفرد نفسه في أحيات كثيرة حائرا في الطريقة الأنسب للتعامل مع الوباء أمام السيل المتدفق من المعلومات حول الفيروس على شبكات التواصل الاجتماعي، و لذلك يوصي خبراء الصحة النفسية بالحرص على ما يسمونه بـ »الذكاء العاطفي ».

و إلى ذلك يتساءل البعض حول طبيعة الذكاء العاطفي، و هنا تجدر الإشارة إلى أن العديد من علماء النفس اختلفوا في تعريفهم للذكاء العاطفي بين من يعتبره خاصية و ميزة فطرية و بين من يرى أنه قدرة و مهارة يمكن للإنسان تعلمها و تطويرها. 

و في هذا الصدد يعرف كل من عالمي النفس الأمريكيين « جون ماير- ويال بيتر سالوفي »، الذكاء العاطفي على أنه القدرة على تقييم المشاعر و الأحاسيس و الانفعالات و القدرة على معالجة المعلومات و استعمالها من أجل استثمارها على نحو أفضل، و بهذا يكون ميزة و خاصية فطرية إلى حد بعيد.

 و في المقابل يعتبر كل من عالمي النفس « غولمان- وبارن أون »، أن الذكاء العاطفي بأنه قدرة و مهارة يمكن للإنسان أن يتعلمها و يطورها إذ أنها تمكنه من التأقلم مع الأحداث المفاجئة في حياته الخاصة، و منها تلك الأحداث التي تحمل طابعا مؤلما، و التي من شأنها أن تتسبب في أعراض من القلق و الضغط النفسي، و لعل جائحة كورونا خير مثال على ذلك.

و في هذا السياق يتضمن الذكاء العاطفي مقدرة الفرد على خلق تفاعلات اجتماعية صحية مع باقي الأشخاص، علاوة على النجاح في العلاقات الإنسانية على نحو مقبول يمكن الإنسان من الاندماج في مختلف الأوساط، لا سيما في أماكن العمل، حيث يقابل فيها الأشخاص نفسهم لمرات عدة.

و يوصي الخبراء من يريدون اكتساب ذكاء عاطفي أن يتحلوا بعدد من الصفات، من أبرزها تقبل التغيير و عدم التعنت، إذ لابد من المرونة للتأقلم مع الظروف الجديدة، و هو ما يجعل الإنسان أمام اختبار قدرته على مدى تأقلمه مع الوضع الجديد الذي فرضته جائحة فيروس كورونا.

و يرى خبراء علم النفس بأن ظهور فيروس كورونا يجعل الناس أمام تحدي التحكم و السيطرة على تداعياته الصحية و النفسية بشكل خاص، و ذلك عن طريق اعتماد وسائل الوقاية المتاحة و كذا الاهتمام بالأشخاص الذين يحبونهم، عبر التعبير عن مشاعرهم تجاههم، و ابتكار آليات و وسائل للحصول على التناغم بين الروح و الجسد و الفكر.

و يعتبر المختصون أنه من أجل السيطرة على التداعيات النفسية لجائحة فيروس كورونا، يمكن توظيف عدة استراتيجيات من جملتها استراتيجية حل المشاكل و الالتزام و التقبل أن زمن كورونا قد يكون زمنا للعطاء و للإبداع الثقافي و الأدبي و العلمي، و ذلك من أجل جعل زمن الأوبئة فرصة لكي يظهر الإنسان أجمل ما فيه و ليس أسوء ما فيه.


Poster un Commentaire

deux × quatre =

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.