الحكومة تتجه نحو تقنين العمل عن بعد في إدارات الدولة
الحكومة تتجه نحو تقنين العمل عن بعد في إدارات الدولة
منذ تفشيه حول العالم فرض فيروس كورونا المستجد التباعد الجسدي بين البشر، لمنع انتشاره، كما بات العمل عن بعد أحد الإجراءات الناجعة لمكافحة انتشار الفيروس، فيما أشارت تقارير بأن العمل عن بعد سيظل جزء من نظام العمل حتى بعد انتهاء الجائحة.
و يبدو أن الحكومة المغربية ماضية في هذا الاتجاه، حيث أعدت وزارة الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة مشروع مرسوم جديد يتعلق بالعمل عن بعد بإدارات الدولة، و أحالته على الأمانة العامة للحكومة من أجل ادخال التعديلات الممكنة عليه قبل عرضه على المجلس الحكومي للمصادقة عليه.
و أشارت المذكرة التقديمية لمشروع المرسوم، إلى أن العمل عن بعد يمكن من تحقيق التوازن بين حاجيات الإدارة، من جهة المتمثلة أساسا في ضرورة استمرارية الخدمات بالنجاعة و الفعالية اللازمتين، و بين الظروف الخاصة للموظفين من جهة ثانية، بما يوفره من مرونة في ساعات العمل مع الحفاظ على المعدل اليومي لساعات العمل الرسمية.
و يعد العمل عن بعد حسب المذكرة التقديمية لمشروع المرسوم « أحد العناصر المرتبطة بمفهوم الإدارة الحديثة، حيث يندرج ضمن تطوير و تنويع أساليب العمل، و ذلك باعتباره شكلا من أشكال تنظيم هذا العمل، يمكن بواسطته انجاز المهام خارج مقرات العمل الرسمية التابعة للإدارة، باستخدام تكنولوجيا المعلومات و الاتصال، بما يضمن استمرار انجاز المهام و تقديم الخدمات في مختلف الظروف ».
و بحسب المادة الثالثة من المرسوم، فإن « كل عمل يؤدى خارج مقرات العمل الرسمية التابعة للإدارة، إما بشكل دائم أو مؤقت، كلي أو جزئي، بتكليف من الإدارة، يكون فيه الاتصال بين الموظف و الإدارة عبر استخدام الأنظمة المعلوماتية و أدوات الاتصال الحديثة، يعتبر عملا عن بعد. »
و يتم العمل عن بعد في مقر سكنى الموظف المعني، أو عند الاقتضاء، في مقرات أخرى تحددها الإدارة غير مقرات العمل الرسمية التابعة لها، و لا يخول هذا العمل للموظفين الاستفادة من أي تعويض عن الإقامة أو التنقل أو أي تعويض آخر خارج المقتضيات و الشروط الجاري بها العمل.
و يمكن للإدارة أن ترخص للموظف لمدة أقصاها سنة بمزاولة العمل عن بُعد، بناءً على طلب مكتوب منه يحدد فيه مبررات و دواعي الطلب لمزاولته، و تقوم الإدارة بتقييم مدى توافق الطلب مع طبيعة المهام و الواجبات و الأنشطة الممارسة من طرف الموظف المعني و مع مصلحة الإدارة. علاوة على مطابقة التجهيزات المتوفرة لديه للمواصفات التقنية المحددة لديها في حالات تنظيم العمل عن بعد.
و أكدت مقتضيات المرسوم أنه يمكن تجديد الترخيص لمدة لا تتجاوز سنة بناء على طلب مكتوب يوجهه الموظف إلى الإدارة 60 يوما قبل انقضاء مدة الترخيص السابق، على أن يتم تقييم عمل الموظف عن بعد ومدى تحقيقه للنتائج المحددة عند انتهاء مدة كل ترخيص.
و تقوم الإدارة بتحديد التجهيزات و التطبيقات و غيرها من الأدوات الضرورية للعمل عن بعد التي يتعين توفيرها للموظف.
و ينص المرسوم، على أنه « تتحمل الإدارة التكاليف المتعلقة بشكل مباشر بمزاولة العمل عن بعد، لاسيما تكلفة الأجهزة و البرمجيات و الاشتراكات و الاتصالات و أدوات العمل ذات الصلة، كما تتحمل تكاليف الصيانة و الدعم التقني، ما لم يثبت خطأ أو سوء استعمال من قبل الموظف العامل عن بعد ».
و وفق مضامين المرسوم من المتوقع أن يتم بمقتضى قرار للسلطة الحكومية المعنية، تؤشر عليه السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية، تحديد الوظائف و الأنشطة المؤهلة للقيام بها عن طريق العمل عن بعد.
و يتضمن المرسوم كذلك القواعد الواجب احترامها فيما يتعلق بأمن أنظمة المعلومات و حماية البيانات، و القواعد الواجب احترامها فيما يتعلق بوقت العمل عن بعد و احتساب مدته، و شروط و كيفيات احتسابه. كما سيتضمن الاعلان عن لائحة الأماكن الموضوعة رهن إشارة الإدارة للقيام بالعمل عن بعد إذا كان سيتم خارج مقر سكن الموظف المعني.
و تشير مضامين المرسوم، أيضا، إلى أنه يمكن تحديد مدة تجريبية أقصاها ثلاثة أشهر، لتقييم مدى قدرة الموظف المعني على العمل عن بعد، و تقدير انعكاسات العمل عن بعد على سير المرفق المعني.
و تنص المادة 14 من المرسوم على أنه يستفيد الموظفون العاملون عن بعد من نفس الحقوق المخولة للموظفين الذين يزاولون عملهم في مقرات عملهم، لاسيما رخصة المرض و حوادث الشغل و الأمراض المهنية.
و بحسب مشروع المرسوم، ستُحدث تحت إشراف السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية، لجنة وطنية للتتبع و تقييم العمل عن بعد بإدارات الدولة تتكون من ممثلي السلطة الحكومية المكلفة بالمالية و الأمانة العامة للحكومة و ممثلي الوكالة الوطنية للتنمية الرقمية، علاوة على إعداد البرامج التكوينية ذات الصلة، و كذا إعداد تقرير سنوي يُرفع إلى رئاسة الحكومة.
Poster un Commentaire