الفرنسيون اختاروا ماكرون رئيسا لولاية ثانية وسط صعود اليمين المتطرف
الفرنسيون اختاروا ماكرون رئيسا لولاية ثانية وسط صعود اليمين المتطرف
اختار الناخبون الفرنسيون، الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، رئيسا للبلاد لولاية ثانية تمتد لخمس سنوات، بعد منافسة قوية بينه وبين مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس.
وتم انتخاب ماكرون مرشح « الجمهورية إلى الأمام » ، ب 58.54 في المائة من الأصوات المعبر عنها في مواجهة زعيمة التجمع الوطني مارين لوبان التي ظفرت بـ 41.46 في المائة من الأصوات.
وكشفت الأرقام التي أعلنت عنها السلطات الفرنسية أن نسبة المشاركة في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية بلغت 63.23 في المائة إلى حدود الساعة الخامسة من مساء يوم أمس، بالتوقيت المحلي.
إنجاز تاريخي
ويعد انتخاب ماكرون رئيسا للجمهورية الفرنسية لولاية ثانية إنجازا « تاريخيا »، إذ إن ماكرون هو أول رئيس منتهية ولايته يُعاد انتخابه في ظل بلد منقسم بدون أن يكون رئيس حكومته من حزب مختلف، منذ بدء اختيار رئيس الدولة بالاقتراع العام المباشر في 1962.
وفي خطاب الفوز أمام أنصاره، أقر ماكرون بعدم رضاه عن فترته الأولى، وقال إنه سيسعى للتغيير، فيما تحولت الأنظار إلى الانتخابات البرلمانية التي تجري في يونيو المقبل.
وضمن خطابه بعد إعلان النتائج بـ « شون دو مارس » بمحاذاة برج إيفل، أكد إيمانويل ماكرون أنه يريد أن يكون « رئيس جميع الفرنسيين، الذي سيبدد الانقسامات والاختلافات، وسيأخذ بعين الاعتبار جميع الصعوبات، يجيب على مظاهر القلق المعبر عنها ويواصل العمل من أجل مجتمع أكثر عدلا ومساواة بين الرجل والمرأة ».
وقال إن « مشروعنا إنساني، جمهوري من حيث قيمه، اجتماعي وإيكولوجي ينبني على قيمة العمل »، مؤكدا أمام حشد غفير، ضرورة « أن يكون حريصا وطموحا في سياق دولي كارثي حيث يتعين على فرنسا أن تتحلى بالوضوح في اختياراتها ».
وقد التزم ساكن الإليزيه القديم-الجديد بالتحلي بـ « احترام الجميع أمام الانقسامات التي تعرفها البلاد »، مؤكدا أنه « لن يتم التخلي عن أي أحد ».
تحديات منتظرة
ولعل من أبرز التحديات التي تواجه ماكرون في العهدة الثانية، وقف تراجع القدرة الشرائية لدى مواطنيه، وأيضا مشروع تعديل قوانين التقاعد وزيادة سنوات العمل، الذي يمضي فيه بالرغم من الجدل الذي أحدثته خلال ولايته الأولى.
ويطمح الرئيس الفرنسي المنتخب أيضا إلى وضع شروط على الرواتب الممنوحة للعاطلين عن العمل وفرض عدد من ساعات العمل عليهم كشرط للحصول عليها.
وستشمل تعديلات ماكرون أيضا قطاعي الصحة والتعليم، فيما ستستحوذ الهموم البيئية على اهتمام خاص. وعلى الصعيد الدولي ستكون الحرب في أوكرانيا محط عمل الرئيس وفريقه.
ويتطلع الرئيس الفرنسي، أيضا، إلى تدشين مرحلة جديدة، لأن « هذا الانتخاب في نظره ليس استمرارية للعهدة التي أتت على نهايتها، بل إبداع جماعي لطموح متجدد من أجل البلاد وشبابها على وجه الخصوص ».
لكن ورغم تصدر ماكرون لهذه الاستحقاقات إلا أن النسبة التي فاز بها في هذه الانتخابات « 58.54 في المائة »، تعد هي أقل مما حققه في 2017 حين تغلب على لوبان بنحو » 66,1″ بالمائة في أول مواجهة انتخابية بينهما، مما يؤشر على صعود لافت لليمين المتطرف في فرنسا.
صعود اليمين المتطرف
ورغم فشل زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان للمرة الثانية على التوالي بالوصول إلى سدة الحكم في فرنسا، وفشلها أيضا من قلب الطاولة على الرئيس إيمانويل ماكرون رغم حملة انتخابية وصفها المتتبعون للشأن السياسي الفرنسي بأنها « ناجحة »، إلا أنها نجحت في تغيير صورة حزبها وجعلته يحظى بقبول أكثر لدى العديد من الفرنسيين.
وعقب إعلان نتائج الانتخابات، قالت مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان في مقرها الرئيسي، الواقع في بافيلون دي أرمينونفيل، في الدائرة 16 من باريس، إن « أفكارنا بلغت قمتها في هذه الانتخابات «
وتابعت لوبان بالقول: « في هذا الفشل ثمة أمل، هذه النتيجة تمثل رمزا للتغيير الذي يريده الفرنسيون ». مضيفة « إيمانويل ماكرون لن يغير شيئا من الأوضاع في البلاد في هذه العهدة الرئاسية ».
وأردفت مرشحة اليمين المتطرف « الأمور لم تحسم بعد؛ لأنه بعد أسابيع ستنظم الانتخابات التشريعية، حيث تعد نتائجها مهمة من أجل الوقوف أمام ماكرون ».
وأعلنت لوبان استمرارها في رئاسة حزبها اليميني المتطرف، ونيتها خوض الانتخابات التشريعية القادمة، داعية أطراف سياسية للوقوف أمام الرئيس إيمانويل ماكرون.
وعلى صعيد أخر أظهرت لقطات في وسائل التواصل الاجتماعي قيام شرطة مكافحة الشغب الفرنسية بمهاجمة وإطلاق الغاز المسيل للدموع علي متظاهرين كانوا يحتجون وسط باريس على إعادة انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون.
وأظهرت صور على تويتر محاولة الشرطة تفريق حشد معظمه من الشبان الذين تجمعوا في حي شاتليت بوسط باريس للاحتجاج على فوز ماكرون على زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في جولة الإعادة.
ماكرون ولوبان .. منافسة قوية
وإذا كانت نتائج الجولة الأولى قد أشارت إلى منافسة قوية مع زعيمة التجمع الوطني، يبدو أن الأسبوع الأخير من الحملة بين الجولتين كان حاسما في اختيار الفرنسيين.
وكان المرشحان قد ضاعفا اللقاءات والخرجات الإعلامية، سعيا على الخصوص إلى استقطاب الناخبين المترددين، الممتنعين عن التصويت، ومناصري المرشحين الآخرين الذين فشلوا في الجولة الأولى.
ومنحت المناظرة التلفزيونية، التي جمعت إيمانويل ماكرون بمارين لوبان، يوم الأربعاء الماضي، بشكل عام، التفوق للرئيس المنتهية ولايته، الذي اعتبرته استطلاعات الرأي، أكثر إقناعا وقدرة على قيادة البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، لاسيما في سياق دولي يتسم بجائحة غير مسبوقة وحرب في أوروبا، مع تداعيات متعددة على القدرة الشرائية للناخبين.
وشكل مستقبل فرنسا في الاتحاد الأوروبي، القدرة الشرائية، البيئة، الأمن والهجرة، أهم المواضيع التي ركزت عليها الحملة الانتخابية للجولة الثانية.
وبحسب المتتبعين للمشهد السياسي الفرنسي، فإن الجولة الثانية، بعيدا عن قطبية برنامجي المرشحين، شكلت « استفتاء حول أوروبا ومن أجل فرنسا تعددية ».
ماكرون يتلقى التهاني
وفي هذا الشأن هنأ العديد من زعماء العالم الرئيس المنتخب إيمانويل ماكرون، وعبروا عن رغبتهم في مواصلة التعاون معه، كما رحب القادة الأوروبيون بهذا الفوز، ورأوا فيه « انتصارا » لأوروبا.
وهنأ الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون على إعادة انتخابه، واصفا فرنسا بأنها « شريك رئيسي في مواجهة التحديات العالمية ».
وكتب بايدن على تويتر « أتطلع إلى استمرار تعاوننا الوثيق، بما في ذلك دعم أوكرانيا والدفاع عن الديمقراطية ومواجهة تغير المناخ ».
ومن جهة أخرى نقلت وكالات الأنباء الروسية عن الكرملين قوله الاثنين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعث رسالة تهنئة إلى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد فوزه بفترة ثانية في الانتخابات الرئاسية.
ومن جانبه وفي ظل فترة رئاسية ثانية لماكرون، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل إنه « يمكننا التعويل على فرنسا لخمسة أعوام إضافية ».
ومن جهتها أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن ارتياحها « لمواصلة التعاون الممتاز مع فرنسا بعد إعادة انتخاب ماكرون ».
وإلى ذلك كتب رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز على « تويتر »: « اختار المواطنون فرنسا ملتزمة باتحاد أوروبي حر وقوي ومنصف. الديموقراطية تفوز. أوروبا تفوز »، مضيفًا: « تهانينا إيمانويل ماكرون ».
ومن جانبه هنّأ رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإعادة انتخابه، قائلًا إنه « يتطلّع إلى مواصلة العمل » معه.
وكتب ترودو على « تويتر »، مرفقًا نصّه بصورة تجمعه بماكرون: « تهانينا ايمانويل ماكرون. أتطلّع لمواصلة العمل معًا على القضايا الأكثر أهمية للناس في كندا وفرنسا – من الدفاع عن الديموقراطية إلى مكافحة تغير المناخ إلى خلق وظائف جيدة ونمو اقتصادي للطبقة الوسطى ».
Poster un Commentaire