بوعياش : حضور النساء المحتشم في الساحة السياسية يسائل النظام العام للانتخابات و مكانة المرأة
بوعياش : حضور النساء المحتشم في الساحة السياسية يسائل النظام العام للانتخابات و مكانة المرأة
اعتبرت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، أن حضور النساء المحتشم في الساحة السياسية، رغم كونهن يمثلن نصف الناخبين و الناخبات، يطرح أكثر من سؤال.
و أوضحت بوعياش، أمس، في افتتاح أشغال لقاء دولي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول موضوع « المناصفة في الحقل السياسي : ضرورة لفعلية المساواة »، أن حضور النساء المحتشم في الساحة السياسية، يسائل، النظام العام للانتخابات و الأطر التشريعية و القانونية و كذا البنى التنظيمية و الثقافية و مكانة المرأة اجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا، و يسائل بالأساس استمرار الصورة النمطية للمرأة.
و لفتت إلى أن هذه العوامل لا يمكنها لوحدها قياس نسبة التمثيلية السياسية للنساء على المستويين الوطني و الترابي، بل يتعين إثارة نقص الموارد المالية و الفقر و نقص التعليم و المعلومات… التي تحاصر المرأة في الولوج للولاية الانتخابية، إضافة إلى أثر نظام الانتخابات المباشر على تواجد النساء من عدمه في مراكز القرار السياسي.
و قالت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن تحقيق المناصفة في الحقل السياسي، يحتاج إلى بناء ثقافة مجتمعية داعمة و حاضنة للمشاركة النسائية.
و أشارت إلى الحاجة لنهضة ثقافية لمناهضة الصور النمطية للمرأة و تشجع و لوجها للولايات الانتخابية بما فيه الهيئات المهنية، و ذلك لمواصلة الجهود لتفكيك الخطاب التمييزي، و زيادة الوعي و إنجاز الفعل من أجل تعزيز حقوق المرأة و حمايتها و احترامها، فضلا عن إطلاق عمليات النهوض الفعلي بحقوق النساء للقطع مع مظاهر التهميش.
و من جهة أخرى، أوردت بوعياش أن المجلس ارتأى إطلاق موضوع « فعلية المناصفة في المجال السياسي »، بتنظيم لقاءات جهوية و لقاء دوليا، و ذلك منذ بداية مارس إلى آخر الشهر، لتعميق الحوار و التبادل حول إعمال مبدأ المناصفة باعتباره من أسس سياسات مناهضة التمييز بين الرجال و النساء، و ذلك بالنظر لراهنية التداول العمومي حول الاستحقاقات المقبلة، و اعتماد مشاريع قوانين انتخابية جديدة، حيث لا زالت تمثيلة النساء تراوح مكانها في أقل من 30 بالمائة.
التمثيل الإعلامي المنصف للنساء في الفضاء العمومي
و من جانبهة، أكدت رئيسة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، لطيفة أخرباش، أنه « بالنظر للإسهام المتفرد للإعلام في صناعة و تثبيت التمثلات الثقافية المشتركة، وجب طرح إشكالية التمثيل الإعلامي المنصف للنساء في الفضاء العمومي، كقضية شأن عام ملازمة للتقدم الاجتماعي في شموليته، مع الحرص على ألا نحمل الإعلام ما لا يحتمل في قضية تعزيز التمثيلية السياسية للنساء، لأنها قضية ترتهن أيضا إلى أسباب خارجة عن إرادة و مسؤولية الإعلام نفسه. فالمناصفة، كثقافة و ممارسة، تبنى و ترعى كذلك في فضاءات تنشئة أخرى ».
و سجلت أخرباش، في هذا السياق، إلى أنه « رغم التراكمات و المكتسبات المحققة ببلادنا على مستوى دعم و تعزيز حقوق النساء، بمستوياتها المختلفة، نجد أنفسنا ملزمين بإعادة طرح سؤال ملح : لماذا يظل حضور و تمثيل النساء في الفضاء العمومي ضعيفا و غير منسجم لا مع المواقع التي باتت تحتلها الكفاءات النسائية في مختلف المجالات، و لا مع الضمانات القانونية الداعمة للمناصفة، و إن كانت هذه الضمانات بدورها تظل موضوع ترافع ».
و على مستوى عكس إسهام النساء في الفعل العمومي و السياسي، أبرزت السيدة أخرباش أن « البيانات الفصلية للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري بشأن مداخلات الشخصيات العمومية في الإذاعات و القنوات التلفزية، تظهر الحضور الضعيف للمرأة في النشرات الإخبارية و البرامج الإخبارية، و هو الحضور الذي تراوح على مدى عشر سنوات (يناير 2010- يونيو 2020) ما بين 8 في المائة و 15 في المائة من الحجم الزمني الإجمالي للمداخلات ».
رفع الحواجز الثقافية و الدينية و الأسباب الموضوعية
و بدوره، أكد رئيس المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي، محمد رضا الشامي، على أنه و رغم مرور 10 سنوات منذ اعتماد الدستور الذي يكرس الحق في المساواة و التزام الدولة في تفعيل المناصفة، لا تزال انتهاكات حقوق المرأة قائمة، و لا يزال التمثيل الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي للمرأة ضعيفا و أقل بكثير من الطموحات المعلنة.
و سجل أن عدة مؤشرات تؤكد هذه الوضعية التي تنحو نحو التراجع في تمثيل المرأة في عدة مجالات، منها المجال السياسي (لا تزيد نسبة النساء في مجلس المستشارين عن 10 في المائة و 21 في المائة بمجلس النواب)، لافتا إلى أن تمثيل المرأة على مستوى الهيئات الترابية يظل ضعيفا أيضا، إذ لا تتجاوز مقاعدها 27 في المائة، مع وجود امرأتين رئيستين لجهتين بالمملكة مقابل 10 رجال.
و وفق الشامي، فإن النساء في مناصب المسؤولية في الوظيفة العمومية، يمثلن 23.5 المائة، فيما بلغ عدد النساء المعينات بمرسوم في المناصب العليا 137 امرأة من إجمالي 1601 منصبا للفترة 2012-2020، أي بمعدل تأنيث يبلغ 11.8 في المائة.
و لتجاوز هذه الوضعية المقلقة، يقول المسؤول، يتعين اليوم رفع الحواجز الثقافية و الدينية و الأسباب الموضوعية التي تعيق التمكين الاقتصادي للمرأة، و ذلك من خلال تعزيز مقاربة التمييز الإيجابي، و تفعيل مبدأ المناصفة في جميع المجالات، فضلا عن الانخراط الفعال للمرأة المغربية في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية.
Poster un Commentaire