زيادة عدد مقاعد مجلس النواب : بين تمثيل مغاربة العالم و إهدار المال العام
زيادة عدد مقاعد مجلس النواب : بين تمثيل مغاربة العالم و إهدار المال العام
في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات بين الفينة و الأخرى مطالبة بتقليص عدد المقاعد البرلمانية، توافقت الأحزاب السياسية على رفع عدد أعضاء مجلس النواب بـــ30 مقعدا، أثناء المفاوضات التي جمعتهم بوزارة الداخلية، في إطار الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ما خلف استياء كبيرا و جدلا واسعا لدى عدد من رواد و نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، الذين عبروا عن رفضهم لهذا المقترح.
مقترح الأحزاب لرفع مقاعد مجلس النواب : ضياع للجهد والمال
مقترح الأحزاب السياسية الذي قدمته لوزارة الداخلية، بإضافة 30 مقعدا برلمانيا جديدا إلى المقاعد الحالية بمجلس النواب و البالغ عددها 395 مقعدا، بحجة تمكين مغاربة العالم من الحضور بالغرفة الأولى و كذا الاستفادة من خبرات جديدة، يأتي حسب مصادر متطابقة، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية استثنائية تمر منها المملكة، جراء تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، ظروف تستدعي التقشف وعقلنة و ترشيد صرف المال العام، ما اعتبره الكثير من النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي بأنه شكل من أشكال إهدار للمال العام.
و في هذا الخصوص يرى الأستاذ في العلوم السياسية و القانون الدستوري، رشيد لزرق، في تصريحات صحفية أن هذا المقترح « هو مقاربة كسولة من أحزاب غير قادرة على استيعاب الزمن الدستوري »، معتبرا أن هذا « سيؤدي إلى تمييع العمل التشريعي و جعله بدون مدلول سياسي، و يؤسس لضياع الجهد و المال ».
و يعتبر لزرق وفق ذات المصدر أنه من الناحية السياسية، يمكن اللجوء إلى حلول أخرى لتدبير تمثيل مغاربة العالم بمجلس النواب، دون زيادة عدد النواب البرلمانيين، مثل تحويل مقاعد الشباب باللائحة الوطنية إلى مغاربة العالم و تقسيم الدوائر الانتخابية إلى دوائر على أساس تواجد مغاربة العالم فيها، قائلا إن التصويت بالوكالة « لا معنى له ».
و من الناحية القانونية، لم يحدد الدستور المغربي سقفا معينا لعدد أعضاء مجلس النواب، على خلاف مجلس المستشارين الذي نصّت الوثيقة الدستورية في الفصل 63 على أنه يتكون من 90 عضوا على الأقل و 120 عضوا على الأكثر، ينتخبون بالاقتراع العام غير المباشر لمدة ست سنوات.
و ينص الفصل 62 من الدستور على أنه ينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات، و تنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس. بينما يبين قانون تنظيمي عدد أعضاء مجلس النواب.
و أثار إعلان الأحزاب السياسية عن نيتهم رفع عدد مقاعد مجلس النواب، سخط و غضب رواد شبكات التواصل الاجتماعي، معتبرين أن الخطوة تعد شكلا من أشكال هدر المال العام، مؤكدين أن فعالية مجلس النواب لا تقاس بعدد أعضائه.
عريضة #عدم_الرضا
و في هذا الصدد، قال الأستاذ الجامعي و المدون عمر الشرقاوي، في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك »: « الاحزاب و الحكومة تستعد للرفع من عدد أعضاء مجلس النواب. طبعا لا نملك صيغة قانونية لإيقاف الأمر، و البرلمانيون لا شك سيصوتون لفائدة الزيادة في عدد المقاعد التي ستكلفنا الملايير من جيوبنا وضرائبنا. »
و اقترح الشرقاوي في هذا السياق إعداد عريضة إلكترونية أطلق عليها وسم » #عدم_الرضا »، و ذلك من أجل الضغط على الأحزاب للتراجع عن توافقها بخصوص رفع عدد مقاعد مجلس النواب. و ذلك حسب الشرقاوي « في ظل غياب اي طريقة قانونية لإيقاف هذا العبث ».
و أبدى الأستاذ بكلية الحقوق بالمحمدية استغرابه من اتجاه الأحزاب السياسية إلى رفع عدد أعضاء مجلس النواب، قائلا : « فلا يعقل أن دولا عريقة في الديمقراطية تتجه الى تقليص برلمانييها و نحن نرفع عددهم الذي لن يزيدنا إلا عبئا فوق عبء ».
و في تدوينة فيسبوكية أخرى اعتبر عمر الشرقاوي بأنه بعد إضافة 30 مقعدا، سيصبح « لنا مجلس نواب بـ 425 نائب، يمثلون 36 مليون نسمة »، مستعرضا في المقابل بعض التجارب الدولية، حيث قال إن عدد أعضاء مجلس النواب الامريكي 435 عضوا وتعداد أمريكا حوالي 320 مليون نسمة؛ مضيفا أن عدد أعضاء الدوما الروسي 450 عضوًا و تعداد السكان في روسيا حوالي 150 مليونا.
و أردف الشرقاوي أن عدد أعضاء مجلس النواب البرازيلي 513 عضوا، و تعداد البرازيل 202 مليون نسمة؛ و عدد اعضاء مجلس النواب الباكاستاني 446 عضوا، لتعداد سكان 212 مليون ».
و لقيت دعوة الشرقاوي إلى إطلاق عريضة « #عدم_الرضا » إلكترونية لدفع الأحزاب إلى التراجع عن توافقها بشأن زيادة عدد مقاعد مجلس النواب بـــ30 مقعدا، تفاعلا كبيرا من رواد مواقع التواصل، إذ عبر الكثير منهم عن موافقته على هذا المقترح.
و في هذا الشأن قال أحد المعلقين، و يحمل اسم « عاقل عثماني »، العريضة التي يمكن أن تنال تأييد ساحقا هي عريضة إلغاء تقاعد البرلمانيين و تقليص عددهم داخل قبة البرلمان ».
Poster un Commentaire