هل تثقل الصين كاهل الدول النامية بقروض بمئات مليارات الدولارات؟
هل تثقل الصين كاهل الدول النامية بقروض بمئات مليارات الدولارات؟
كشف مركز الأبحاث » أيد داتا » في جامعة ويليام أند ميري في ولاية فرجينيا الأمريكية، أن الصين منحت أو أقرضت أموالا لـ 13427 مشروعا للبنية التحتية بقيمة 843 مليار دولار في 165 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل.
وبحسب تقارير فإن الصين تخصص ما لا يقل عن ضعف أموال التنمية التي تقدمها الولايات المتحدة والقوى الكبرى الأخرى للدول الفقيرة والنامية، ويأتي معظمها في شكل قروض عالية الفائدة « محفوفة بالمخاطر »، من البنوك الحكومية الصينية.
واعتبرت ذات المصادر أن جزء كبير من هذه الأموال يرتبط بمبادرة « الحزام والطريق » الطموحة للرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث ومنذ إنطلاق هذه المبادرة عام 2013، جرت الاستفادة من خبرة الصين في مشاريع البنية التحتية، وتوفر العملات الأجنبية، لبناء طرق تجارية عالمية جديدة.
ووصل التمويل من الصين إلى الدول النامية إلى مستويات قياسية وتجاوز بكثير المساعدات التي قدمتها جميع الدول الغنية في العالم، كما بلغ ستة أضعاف ميزانية خطة « مارشال » المخصصة لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وتتجاوز القروض الصينية الممنوحة اليوم 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 42 دولة نامية، في حين أن مواردها المالية العامة تعرضت لضعف بسبب أزمة انتشار وباء كورونا.
ومن أجل الوصول إلى هذه التقديرات هذه، قام أكثر من مائة باحث في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك ألمانيا وجنوب إفريقيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بدراسة ما يقرب من 91 ألف وثيقة رسمية لـ13427 مشروعا تموله بكين، مكتوبة بعدة لغات، من الهولندية إلى الفارسية والبرتغالية.
وبحسب شبكة » بي بي سي » فإن النقاد يخشون من أن القروض عالية الفائدة التي تمول العديد من المشاريع الصينية تثقل كاهل البلدان المقترضة بالديون المرتفعة.
القروض الصينية .. ثمن باهظ
وفي هذا الشأن عادة ما يُضرب خط السكة الحديدية المتعرج، والذي يمتد بين الصين ودولة لاوس المجاورة، مثالا رئيسيا على الإقراض الصيني باهظ الثمن، حيث حذر خبراء ومهندسون من أن التكلفة ستكون باهظة، إذ ستحتاج المسارات إلى المرور عبر الجبال شديدة الانحدار، مما يتطلب عشرات الجسور والأنفاق. كما أن لاوس هي واحدة من أفقر البلدان في المنطقة ولا تستطيع تحمل حتى جزء بسيط من التكلفة.
ومن أجل إنجاز المشروع خط السكك الحديدية الذي تبلغ تكلفته 5.9 مليار دولار والذي من المقرر أن يبدأ عمله في دجنبر المقبل، اضطرت لاوس إلى الحصول على قرض بقيمة 480 مليون دولار من أحد البنوك الصينية لتمويل الجزء الصغير منحصتها من المشروع، وقد تم استخدام أحد مصادر الربح القليلة في لاوس، وهو عائدات مناجم البوتاس (أملاح تحتوي على البوتاسيوم)، لضمان القرض الضخم.
وأضافت ذات المصادر أن معظم خط السكك الحديدية مملوك للمجموعة التي تهيمن عليها الصين، ولكن بموجب الشروط الغامضة للصفقة، فإن حكومة لاوس هي المسؤولة في النهاية عن ديون السكك الحديدية.
ونتيجة لذلك أدت الصفقة غير المتوازنة إلى قيام الدائنين الدوليين بخفض التصنيف الائتماني للاوس إلى تقييم « سيء للغاية »، حيث باتت لاوس في شتنبر 2020 على شفا الإفلاس، وباعت أحد الأصول الرئيسية للصين، وسلمت جزءا من شبكة الطاقة الخاصة بها مقابل 600 مليون دولار من أجل الحصول على إعفاء عن الديون للدائنين الصينيين، وهذا كله قبل أن تبدأ السكك الحديدية في العمل.
ولا يعد خط السكة الحديدية في لاوس المشروع الوحيد المحفوف بالمخاطر الذي مولته البنوك الحكومية الصينية، حيث يقول مركز الأبحاث » أيد داتا » في جامعة ويليام أند ميري في ولاية فرجينيا الأمريكية إن الصين لا تزال الممول الأول للعديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
ووفق موقع » مونتي كارلو » فإنه منذ إطلاق مبادرة « طرق الحرير الصيني الجديدة » عام 2013، اكتسبت حصة القروض التجارية النصيب الأكبر، لا سيما لتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى بتكلفة تزيد عن 500 مليون يورو، يتضاعف عددها إلى ثلاث مرات بين عامي 2013 و2017، وفق أندرو سمول، الباحث في صندوق مارشال الألماني.
وفي بلدان مثل جزر المالديف وسريلانكا، على سبيل المثال، اتُهم التمويل الصيني بتفضيل السلطة القائمة أو تأجيج الفساد أو زيادة الديون.
وتضمن التقرير أن أسعار الفائدة مرتفعة في بعض الأحيان لأن الصين « تقرض بشكل غير متناسب البلدان ذات القدرة الائتمانية الهشة »، وبالتالي، قد تطلب بكين من هذه الدول الحصول على تأمين، أو طلب ضمان من طرف ثالث للحماية من المخاطر، أو حتى التعهد بقروض مقابل الأصول.
ورغم أن الصين نادرا ما تسيطر على البنية التحتية التي تم التعهد بها مثل الموانئ أو الأراضي، إلا أنها تستطيع جني مكاسب جيوسياسية. على سبيل المثال، تم تسليم تشغيل ميناء هامبانتوتا في سريلانكا، وهو مرحلة رئيسية في حركة الملاحة البحرية في المحيط الهندي، إلى شركة صينية في عام 2019 في عقد مدته 99 عاما، بعد عدم قدرة العاصمة الاقتصادية السريلانكية، كولومبو، على الوفاء بديونها.
Poster un Commentaire