الاتحاد الأوروبي يعطي الضوء الأخضر لدخول اتفاق ما بعد « بريكست » حيز التنفيذ
الاتحاد الأوروبي يعطي الضوء الأخضر لدخول اتفاق ما بعد « بريكست » حيز التنفيذ
أعطى الاتحاد الأوروبي، أمس، الضوء الأخضر، لدخول الاتفاق التجاري لمرحلة ما بعد « بريكست » بين لندن و بروكسل حيز التنفيذ في الأول من يناير المقبل وفق ما أعلن ناطق باسم رئاسة التكتل.
و في تغريدة على تويتر كتب الناطق باسم رئاسة الاتحاد الأوروبي « وافق السفراء بالإجماع على التطبيق المؤقت لاتفاق التجارة و التعاون بين الاتحاد الأوروبي و المملكة المتحدة بدءاً من 1 يناير 2021 ».
و بعد نحو عشرة أشهر من مفاوضات مضنية بشأن طبيعة العلاقة بين بروكسيل و لندن حينما تغادر المملكة المتحدة السوق الموحدة، توصل الاتحاد الأوروبي و بريطانيا الخميس الماضي إلى اتفاق تجاري لمرحلة ما بعد « بريكسيت »، الذي نشر يوم السبت الماضي .
و من المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ مؤقتا في الاتحاد الأوروبي في انتظار تصويت البرلمان الأوروبي عليه و المتوقع الشهر المقبل.
و يحل هذا الاتفاق مكان اتفاق تجاري انتقالي عقد بين بريطانيا و الاتحاد الأوروبي ينتهي العمل بموجبه بنهاية العام الحالي أي الخميس المقبل.
و تضمن اتفاق »بريكست » بين الاتحاد الأوروبي و الحكومة البريطانية 1246 صفحة ترسم الخطوط العريضة لطريقة معالجة النزاعات بشأن التجارة و قضية الصيد البحري الحساسة و التي شكلت نقطة الخلاف الرئيسية في المفاوضات.
الرسوم الجمركية
و يعني الاتفاق أنه لن تكون هناك أي رسوم أو حصص على جميع المنتجات البريطانية و الأوروبية تقريبا التي يتبادلها الطرفان.
و سيبقى على الصادرات البريطانية الامتثال لمعايير الصحة و السلامة التي يضعها الاتحاد الأوروبي، بينما تحكم قواعد صارمة المنتجات المصنوعة من مكوّنات مصدرها خارج المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي
و رحبت لندن بغياب الرسوم كنقطة إيجابية رئيسية في الاتفاق، ستساعد في الوقت ذاته في المحافظة على جزء من الميزات التي تمتعت بها بريطانيا أساسا كعضو في التكتل.
و رفضت المملكة المتحدة أي دور لمحكمة العدل الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي، لذلك ستتم معالجة النزاعات من قبل منظمة التجارة العالمية أو هيئات التحكيم الخاصة المؤلفة من ثلاثة خبراء قانونيين و تجاريين مستقلين، في حال فشل الاستشارات.
و سيتولى مهمة الاشراف على هذه المعاهدة الشاملة، « مجلس شراكة » مع ممثلين من الجهتين. فيما ستشرف لجان مختلفة تابعة لهذا المجلس على كل جوانب المعاهدة. كما سيكون هناك أيضا خيار أمام النواب و أعضاء البرلمان الأوروبي لتشكيل « مجلس شراكة برلمانية ».
الصيد
و وفق تقارير إعلامية فإن وصول صيادي الاتحاد الأوروبي مستقبلا إلى مياه بريطانيا الغنية، كان من بين أبرز المسائل الشائكة و القابلة للاشتعال سياسيا و آخر نقطة تم حلّها قبل الإعلان عن الاتفاق. حيث أصرّت بريطانيا مرارا على أنها ترغب باستعادة السيطرة الكاملة على مياهها بينما سعت دول الاتحاد الأوروبي الساحلية إلى ضمان حقوق الصيد في مياه المملكة المتحدة.
و توصّل الطرفان في النهاية إلى تسوية تقضي بأن تتخلى قوارب الاتحاد الأوروبي تدريجا عن 25 في المائة من حصصها الحالية خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات و نصف سنة.
و من المرتقب إجراء مفاوضات سنويا بعد ذلك على كميات السمك التي يمكن لقوارب الاتحاد الأوروبي الحصول عليها من المياه البريطانية. و إذا لم تكن النتيجة مرضية بالنسبة إلى بروكسل فسيكون بإمكانها اتّخاذ تدابير اقتصادية ضد المملكة المتحدة.
الفرص المتساوية
و في هذا الصدد ظهرت عثرة أخرى تمثلت بما أطلق عليها قواعد « الفرص المتساوية » التي أصر عليها الاتحاد الأوروبي لمنع الشركات البريطانية من امتلاك أفضلية على منافساتها الأوروبية في حال خفضت لندن معاييرها مستقبلا أو دعمت الصناعات لديها.
و سعت المملكة المتحدة جاهدة لتجنب قيام نظام من شأنه أن يمكن بروكسل من إجبارها على الالتزام بقواعد التكتل في مسائل على غرار القواعد البيئية أو العمالة أو الدعم الذي تقدمه الدولة للشركات.
الجمارك
و ستغادر بريطانيا الاتحاد الجمركي الأوروبي و السوق الموحدة نهاية العام، ما يعني أن الأعمال التجارية ستواجه سلسلة قيود جديدة على الواردات و الصادرات عبر المانش.
و أكدت المملكة المتحدة أن الاتفاق يسمح بالاعتراف بخطط « التاجر الموثوق » التي من شأنها أن تخفف البيروقراطية على الجانبين، لكن لم يتضح بعد إلى أي درجة يمكن تطبيق ذلك.
الأمن
و في هذا الصدد يرى الاتحاد الأوروبي أن الاتفاق « يؤسس إطار عمل جديد لإنفاذ القانون و التعاون القضائي في المسائل الجنائية و تلك المرتبطة بالقانون المدني ».
و من جهتها، أشارت لندن إلى أن الطرفين سيواصلان مشاركة المعلومات المرتبطة بالحمض النووي و البصمات و معلومات الركاب كما سيتعاونان في إطار وكالة تطبيق القانون الأوروبية « يوروبول ».
و تفيد بروكسل أنه « يمكن تعليق التعاون الأمني في حال حدوث انتهاكات من جانب المملكة المتحدة لالتزاماتها في ما يتعلق بمواصلة الامتثال إلى الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان ».
تغييرات كبيرة
رغم الاتفاق بين لندن و بروكسيل، حذّر الطرفان من أن « تغييرات كبيرة » مقبلة ستطرأ اعتبارا من 1 يناير بالنسبة للأفراد و الأعمال التجارية في أنحاء أوروبا، حيث لن يكون من الممكن أن يواصل مواطنو المملكة المتحدة و الاتحاد الأوروبي الاستفادة من حرية الحركة للإقامة و العمل على طرفي الحدود.
و أكدت بروكسل أن « حرية حركة الناس و البضائع و الخدمات و رؤوس الأموال بين المملكة المتحدة و الاتحاد الأوروبي ستنتهي ».
و يحدد الاتفاق من هم المسافرون من أجل العمل الذين لا يحتاجون إلى تأشيرة للرحلات القصيرة، فيما تم استبعاد الموسيقيين و الفنانين و فناني الأداء من هذه القائمة، ما يعني أنهم قد يحتاجون إلى تأشيرات لإقامة حفلات مدفوعة في الخارج.
و اعتبر الاتفاق أن « الاتحاد الأوروبي و المملكة المتحدة سيشكلان سوقين منفصلين : فضاءان تنظيميان و قانونيان منفصلان، إذ سيخلق ذلك قيودا في الاتجاهين على تبادل البضائع و الخدمات و على الحركة عبر الحدود و المبادلات، غير موجودة اليوم ».
Poster un Commentaire