العدالة والتنمية : موضوع الإجهاض كان بشأنه حوار مجتمعي انتهى بتحكيم ملكي
العدالة والتنمية : موضوع الإجهاض كان بشأنه حوار مجتمعي انتهى بتحكيم ملكي
عقدت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، يوم السبت 05 أكتوبر 2019، اجتماعها الشهري، برئاسة سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب المصباح، وناقشت عدة قضايا سياسية راهنة، ومن ضمنها موضوع الإجهاض الذي طفى مؤخرا على سطح النقاش المجتمعي والحقوقي بالمغرب.
وأوضح سليمان العمراني، النائب الأول للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن أعضاء الأمانة العامة لحزب المصباح، أكدوا « على موقف الأمين العام للحزب، الذي عبر عنه قبل أيام، والذي ينطلق من أن هذا الموضوع، كان بشأنه حوار مجتمعي، انتهى بتحكيم ملكي حسم فيه.
وأضاف العمراني، وفق ما أورده موقع حزب العدالة والتنمية أن » ما أنتجه هذا التحكيم الملكي، من خلاصات، كان موضوع تعديل القانون الجنائي، مؤكدا أنه » ما يمكن أن يؤطر موقفنا هو هذا المستوى الذي أنتج هذا التوافق بقيادة جلالة الملك. »
وتأتي تصريحات النائب الأول للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بعدما عاد موضوع الإجهاض إلى الواجهة بعد الجدل الذي رافق اعتقال وإدانة الصحفية هاجر الريسوني بسنة حبسا نافذا بتهمة « قبول الإجهاض من طرف الغير والفساد ».
قضية هاجر الريسوني
أدانت المحكمة الابتدائية الصحافية هاجر الريسوني، بسنة سجنا نافذا وغرامة قدرها 500 درهم، بعد مؤاخذتها بتهم تتعلق بالفساد وقبول الإجهاض من طرف الغير.
وقضت المحكمة أيضا بإدانة « خطيب » الصحافية هاجر الريسوني،السوداني رفعت الأمين، بسنة سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 500 درهم بتهم الفساد والمشاركة في الإجهاض.
وأدانت المحكمة الابتدائية كذلك الطبيب المتابع بالاجهاض والاعتياد على ممارسته بسنتين حبسا نافذا مع منعه من مزاولة المهنة لمدة سنتين وغرامة قدرها 500 درهم، فيما قضت بالسجن ثمانية أشهر موقوفة التنفيذ في حق كاتبة الطبيب بتهمة المشاركة في الاجهاض، وبسنة موقوفة التنفيذ في حق المختص بالتخدير .
وكان بلاغ لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، أكد أن اعتقال الصحافية هاجر الريسوني “ليس له أي علاقة بمهنتها وأنه حدث بمحض الصدفة نتيجة لارتيادها لعيادة طبية كانت أساسا محل مراقبة بناء على معلومات كانت قد توصلت بها الشرطة القضائية حول الممارسة الاعتيادية لعمليات الإجهاض بالعيادة المعنية”.
وأوضح البلاغ على أن متابعة المعنية بالأمر “ليس له أي علاقة بمهنة الصحافة، بل تتعلق بأفعال تعتبر في نظر القانون الجنائي جرائم، وهي ممارستها الإجهاض بشكل اعتيادي وقبول الإجهاض من طرف الغير والمشاركة في ذلك والفساد طبقا للفصول 444 و450 و454 و490 و129 من القانون الجنائي”.
ومنذ اعتقالها طغت قضية الصحافية هاجر الريسوني على النقاش المجتمعي والحقوقي خلال الآونة الأخيرة وأعادت مجددا إلى واجهة الأحداث الجدل القائم حول موضوع الإجهاض والحريات الفرديات بشكل عام في المغرب، إذ برزت أصوات حقوقية ونسائية مطالبة برفع تجريم الإجهاض بشكل نهائي وإدخال تعديلات على القانون الجنائي المغربي.
المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدخل على الخط
وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان أكد في 09 شتنبر 2019 أنه سيقدم، في الأيام المقبلة، توصياته لتعديل القانون الجنائي، الذي تناقشه حاليا لجنة التشريعات وحقوق الإنسان بمجلس النواب.
وسجل المجلس في بلاغ أصدره في إطار متابعته للنقاش الجاري حول الحريات الفردية ومسألة الإيقاف الإرادي للحمل الذي أثاره اعتقال هاجر الريسوني، تفاعل شتى المواقف والأفكار التي عبر عنها الرأي العام حول مسألة الحريات الفردية والحياة الخاصة بقدر ما يستنكر القذف والسب والتشهير ذي الطبيعة التمييزية الذي عبر عنه البعض ضد هاجر الريسوني.
وعبر المجلس في بلاغ له، عن أنه « مطمئن لدعم الرأي العام لهذه التوصيات التي تتوخى حماية الحريات الفردية والحياة الخاصة، مع احترام المقتضيات الدستورية المتعلقة بضمان الحقوق والحريات الأساسية، خاصة منها الفقرة الأولى من الفصل 2 والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. »
وجاء بلاغ المجلس الوطني لحقوق الإنسان في سياق اشتد فيه الجدل حول موضوع الحريات الفردية في المملكة، ومن مشاهد مسلسل هذا الجدل دعوة الكاتبة ليلى سليماني والمخرجة صونية التراب إلى إسقاط القوانين المجرمة للعلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج والإجهاض، وخاصة الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي، الذي يعاقب بالسجن عن العلاقات الجنسية الخارجة عن إطار الزواج.
قوانين عفى عليها الزمن
ونشرت السليماني والتراب عريضة إلكترونية ، تحثان من خلالها الفاعلين في المجال الحقوقي والنسائي والأدبي والمثقفين على التوقيع عليها، معتبرتين أن القوانين التي تمنع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج والإجهاض، قوانين تجاوزها الزمن.
وتضمنت العريضة الإلكترونية ، »نحن، مواطنات ومواطنون مغاربة، نعترف بأننا خارجون عن القانون.. نعم، نحن نخرق كل يوم قوانين جائرة، قوانين بالية أكل عليها الدهر وشرب، نعم، عشنا أو لازلنا نعيش علاقات جنسية خارج إطار الزواج، مثل الآلاف من مواطنينا، عشنا أو مارسنا أو كنا شركاء أو متواطئين في عملية إجهاض. »
وجاء في العريضة أيضا، « اليوم لم أعد أريد أن أشعر بالخزي. أنا التي أحب، أو أجهض، أو أعيش علاقات جنسية بدون زواج، أنا التي أعيش في السر… أنا التي مع كل فعل حب، أكون عرضة للعار والفضيحة والسجن ».
ووقع على هذه العريضة الإلكترونية نحو 490 من رجال السياسة والفكر ونشطاء حقوقيون ومثقفون وفنانون وصحافيون يطالبون فيها بإعادة النظر في الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي، الذي يجرم العلاقات الجنسية التي تتم خارج إطار الزواج. كما حظيت بصدى لدى وسائل الإعلام .
وقالت صاحبتي العريضة ليلى السليماني وصونيا التراب، إن هذه القوانين الناسفة لمبدأ الحرية، تحولت إلى أدوات للإنتقام السياسي والشخصي، ومثل سيف ديموقليس المسلط على الرقاب، الذي لا ندري في أي وقت قد يضرب. وتذكرنا بأن حياتنا ليست ملكا لنا. معتبرتين أن هذه الثقافة القائمة على الكذب والنفاق، تولد العنف والعشوائية والتعصب.
محاكمات
العريضة لفتت إلى أنه خلال سنة 2018، تم في المغرب محاكمة أكثر من 14503 شخصا طبقا للفصل 490 من القانون الجنائي، والذي يعاقب بالسجن عن العلاقات الجنسية التي تتم خارج إطار الزواج. مضيفة أنه في نفس السنة، تمت محاكمة 3048 شخصا بتهمة الخيانة الزوجية. معتبرة أنه في كل يوم، تمارس ما بين 600 و 800 عملية إجهاض، وبشكل سري. متسائلة، هل يجب أن نزج بكل هؤلاء في السجن كي تنتهي المهزلة ؟ هم وشركائهم من أطباء ومناضلين وجمعويين أيضا؟
واعتبرت العريضة التي رفعت شعار « كلنا خارجات وخارجون عن القانون… إلى أن يتغيّر القانون! » أن المجتمع المغربي بلغ مرحلة أصبح التغيير فيها ضرورة تاريخية، وثقافية ملحة، مؤكدة أنه تغيير سيفرض احترام الحياة الخاصة للأفراد، والحق في التصرف في أجسادهم.
Poster un Commentaire