غياب التوافق بين الفرق البرلمانية يعرقل قانون الأمازيغية
غياب التوافق بين الفرق البرلمانية يعرقل قانون الأمازيغية
في ظل حالة « البلوكاج » التي يعرفها القانون الاطار المتعلق بالتربية والتكوين ، داخل لجنة الثقافة والاتصال، طفى على السطح خلاف بين الفرق البرلمانية يهدد هذه المرة بعرقلة المصادقة على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، بالإضافة إلى قانون تنظيمي يتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
وأخفقت اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة التعليم والثقافة والاتصال، التي عقدت اجتماعها يوم الثلاثاء 14 ماي 2019 ، « أخفقت » في تحقيق التوافق بين مختلف الفرق البرلمانية حول مشروع القانون التنظيمي رقم 16-26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية ، وكذا مشروع القانون التنظيمي رقم 04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
وشهدت اللجنة الفرعية انسحاب كل من الفريقان النيابيان لحزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، بعد بروز خلافات عديدة بين مكونات الأغلبية الحكومية حول جملة من التعديلات المقترحة، حيث اعتبر « البام » أن اللجنة فشلت في تحقيق التوافق حول قانون له بعد استراتيجي يهم كافة المغاربة ، فيما طالب الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية باعتماد المسطرة التشريعية المعمول بها للمصادقة على مشروعي القانونين من خلال تقديم كل فريق لتعديلاته وإخضاعها لعملية التصويت داخل اللجنة البرلمانية وفي الجلسة التشريعية.
« البام » يحمل الأغلبية الحكومية المسؤولية في تأخر المصادقة على قانون الأمازيغية.
عزى الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة انسحابه من اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة التعليم والثقافة والاتصال إلى فشل اللجنة في تحقيق الهدف الأساسي المتمثل في تحقيق التوافق حول قانون له بعد استراتيجي يهم كافة المغاربة، بعد تراجع الحزب الأغلبي في ظل غياب المبررات والمسوغات الكافية عن النتائج التوافقية المحصل عليها داخل اللجنة إزاء جملة من القضايا الخلافية.
واعتبر الفريق النيابي لحزب الجرار في بلاغ أصدره عقب الانسحاب أن مواصلة العمل بالآلية نفسها، في غياب انسجام بين مكونات الأغلبية قد ييسر عملية التوافق، أنه شكل من أشكال تبديد مزيد من الزمن التشريعي لقانونيين حيويين فاق تأجيل البت فيهما من طرف الأغلبية الحكومية كل تصور، وبقي حبيس هذه اللجنة ما يناهز ثلاث سنوات.
وحمل الفريق النيابي « للبام » المسؤولية للأغلبية الحكومية في تأخر إخراج مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكذا مشروع القانون التنظيمي 04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية علاوة مشروع قانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين
وطالب الفريق النيابي بعقد اجتماع عاجل للجنة من أجل استكمال مسطرة التصويت والبت في مشروع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
الاستقلال يتهم الحكومة بتعطيل قانون الأمازيغية
أعلن الفريق البرلماني لحزب الاستقلال « المعارض » بمجلس النواب الانسحاب من أشغال اللجنة فرعية، المنبثقة عن لجنة التعليم والثقافة والاتصال، داعيا إلى العودة السريعة إلى المسطرة التشريعية العادية المنصوص عليها في النظام الداخلي بدل البحث عن توافقات مستحيلة المنال بين موكنات الأغلبية الحكومية.
وحمل الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، في بلاغ أصدره يوم الثلاثاء 14 ماي 2019 الأغلبية الحكومية مسؤولية تعطيل المصادقة على هذين النصين التشريعيين المهمين ضداً على أحكام وروح الدستور وانتظارات الشعب المغربي ».
وأكد الفريق البرلماني لحزب الميزان أنه تقدم بتعديلاته داخل الآجال القانونية التي حددها مكتب اللجنة منذ 22 يونيو 2018، في الوقت الذي تخلفت فيه الأغلبية النيابية عن تقديم تعديلاتها نتيجة خلافات معلنة بينها حول مشروعي القانونين التنظيميين، الأمر الذي أدى إلى تعطيل المصادقة على هذين النصيين التشريعيين بالغي الأهمية.
ويشار إلى أن الفصل الخامس من دستور 2011 ينص على أنه « تعد الأمازيغية لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، ويحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها بصفتها لغة رسمية ».
الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية
ارتقى دستور المملكة لسنة 2011 بمكانة اللغة الأمازيغية إلى لغة رسمية في الدولة إلى جانب اللغة العربية، وهذا ما يتضمنه الفصل الخامس من الدستور المغري، حيث أكد على ما يلي :
تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها. وتنمية استعمالها، تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء.
يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية.
تعمل الدولة على صيانة الحسانية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة، وعلى حماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب، وتسهر على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية، وعلى تعلم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم، باعتبارها وسائل للتواصل، والانخراط والتفاعل مع مجتمع المعرفة، والانفتاح على مختلف الثقافات، وعلى حضارة العصر.
يُحدَث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، مهمته، على وجه الخصوص، حماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية باعتبارها تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا. ويضم كل المؤسسات المعنية بهذه المجالات. ويحدد قانون تنظيمي صلاحياته وتركيبَته وكيفيات سيره.
وبغية تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، كان من الواجب أن يتوفر قانون تنظيمي يحدد بالتفصيل مراحل تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك من أجل أن تتمكن مستقبلا بوظيفتها بصفتها لغة رسمية، وهو الأمر الذي أدى إلى إصدار مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16.
مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16
يتضمن مشروع القانون التنظيمي رقم 16-26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، خمسة وثلاثين مادة، موزعة على عشرة أبواب
وحددت المادة الاولى من هذا المشروع القانون التنظيمي مفهوم اللغة الأمازيغية ، حيث أشارت إلى أنه ”يقصد باللغة الأمازيغية في مدلول هذا القانون التنظيمي مختلف التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة بمختلف مناطق المغرب، وكذا المنتوج اللسني والمعجمي الأمازيغي الصادر عن المؤسسات والهيئات المختصة “.
ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز التواصل باللغة الأمازيغية في مختلف مجالات الحياة العامة ذات الأولوية وذلك باعتبارها حقا لجميع المغاربة بدون استثناء ولغة رسمية للملكة ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة، علاوة على دعم قيم التماسك والتضامن الوطني ، عبر المحافظة اللغة الامازيغية وحماية الموروث الثقافي والحضاري الأمازيغي.
ويعتمد مشروع القانون التنظيمي رقم 16-26 على مبدأ التدرج في تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية, وكذا كيفيات إدماجها في مجالات التعليم والتشريع والإعلام والاتصال ومختلف مجالات الابداع الثقافي والفني والعمل البرلماني وفي الادارة والمرافق والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والتقاضي والفضاءات والخدمات العمومية.
مشروع القانون ينص على بث الخطب والرسائل الملكية والتصريحات الرسمية للمسؤولين العمومين على القنوات التلفزية والإذاعات العمومية، مصحوبة بترجمتها الشفوية أو الكتابية إلى اللغة الأمازيغية .فضلا عن بث البلاغات والبيانات الموجهة لعموم المواطنين باللغة الأمازيغية.
كما يتضمن المشروع نصوصا تنص على استعمال اللغة الأمازيغية في الادارات وسائر المرافق العمومية، من خلال تضمينها بجميع الوثائق الرسمية منها بطاقة التعريف الوطنية وجوازات السفر ورخص السياقة بمختلف أنواعها وبطاقات الإقامة المخصصة للأجانب المقيمين بالمغرب ومختلف البطائق الشخصية والشهادات المسلمة من قبل الإدارة.
ووفق المشروع نفسه يحق للمتقاضين بطلب منهم سماع نطق الأحكام باللغة الأمازيغية ، أما بخصوص إدماجها في مجال التشريع والعمل البرلماني ينص المشروع على امكانية استعمالها في أشغال الجلسات العمومية واللجان البرلمانية ، كما يتعين توفير الترجمة الفورية لهذه الأشغال من اللغة الأمازيغية وإليها.
وتنص المادة الثالثة من مشروع القانون التنظيمي 16-26 على أن تعليم اللغة الأمازيغية يعد حقا لجميع المغاربة بدون استثناء ، حيث ستدرس الأمازيغية بكيفية تدريجية في جميع مستويات التعليم الأساسي، كما ينص على تعميمها بالكيفية نفسها في مستويات التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي، فضلا عن اقتراحها في برامج محو الأمية والتربية غير النظامية.
حصيلة الأمازيغية في مجال التعليم
وكان وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج، أوضح بأن تدريس الأمازيغية انطلق سنة 2003 وأن هناك 15 ألف أستاذ جرى تكوينهم إلى حدود سنة 2015، في الوقت الذي بلغ فيه الأساتذة الممارسين فعليا في تدريس الأمازيغية 5000 أستاذ.
وأشار الأعرج الثلاثاء 26 دجنبر 2017 ، خلال اجتماع للجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب خصص لمناقشة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، أن عدد التلاميذ الذين درسوا الأمازيغية وصل إلى 400 ألف تلميذ، موضحا أن الرؤية الاستراتيجية 2015- 2030 أكدت على ضرورة إدماج اللغة الأمازيغية في الابتدائي والإعدادي والثانوي التأهيلي.
وإلى ذلك أشار الأعرج إلى أن هناك ثلاث جامعات تدرس الأمازيغية، مشيرا إلى أنه جرى اعتماد تعليم الأمازيغية في عدد من المؤسسات، من بينها المعهد العالي للإعلام والاتصال،علاوة على تنظيم مجموعة من الأنشطة الرامية إلى دعم الأمازيغية لغة وثقافة.
Poster un Commentaire