logo-mini

قانون ترسيم الأمازيغية : المحكمة الدستورية تؤشر على نشره في الجريدة الرسمية

Partager

قانون ترسيم الأمازيغية : المحكمة الدستورية تؤشر على نشره في الجريدة الرسمية

أصدرت المحكمة الدستورية قرارا ينص على دستورية القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، مقدمة تفسيرات لتسع مواد من القانون، معتبرة إياها غير مخالفة للدستور مع مراعاة التفسير المتعلق بها. معطية بذلك الضوء الأخضر لنشر القانون رقم 26.16  المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في الجريدة الرسمية من أجل تنزيل مقتضياته.

وأوضحت المحكمة في قرارها رقم 19/97، الصادر في 05 شتنبر 2019 ، أن الفقرتين الثانية والأخيرة من المادة الأولى تنصان على أنه « … يقصد باللغة الأمازيغية في مدلول هذا القانون التنظيمي مختلف التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة بمختلف مناطق المغرب، وكذا المنتوج اللسني والمعجمي الأمازيغي الصادر عن المؤسسات والهيئات المختصة. ويعتمد حرف تيفيناغ لكتابة وقراءة اللغة الأمازيغية ».

ويهدف القانون التنظيمي رقم 26.16 إلى تحديد مراحل تفعيل الطابع الرسم للغة الأمازيغية وكيفيات إدماجها قي مجال التعليم وكذا في مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، ويضم 35 مادة موزعة على عشرة أبواب تشمل التعليم والإعلام والإتصال والإبداع الثقافي والفني وكذا في مجال التشريع والعمل الربلماني علاوة على الإدارات وسائر الفضاءات العمومية فضلا عن مجال القضاء.

ولفتت المحكمة في قرارها  إلى أن أحكام الفقرتين الثانية والأخيرة من المادة الأولى ، ترتبط، من حيث موضوعها، ارتباطا عضويا ووثيقا بمشمولات القانون التنظيمي المعروض، إذ أن تحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها، وتحقيق الغاية الدستورية المراد بلوغها من سن القانون التنظيمي، يتوقفان، قبلا، على التحديد الإجرائي لمدلول اللغة الأمازيغية والحرف المعتمد لكتابتها وقراءتها. 

وسجل نفس المصدر أن  الفصل الخامس من الدستور نص في فقرته الثالثة على أنه « تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء »، وأنها من مقومات الهوية الوطنية الموحدة، كما جاء في التصدير.

الأمازيغية رصيد مشترك لجميع المغاربة

وأشارت المحكمة الدستوية  إلى إنه يستفاد، من مبادئ وأحكام الدستور المشار إليها، وانسجاما معها، أن الدستور استعمل، من جهة أولى، عند إقراره بالطابع الرسمي للغة الأمازيغية، صيغة المفرد لا الجمع، واعتبر اللغة الأمازيغية، من جهة ثانية، رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، مما يجعل حق استعمالها والتواصل بها، حقا شخصيا مكفولا للمواطنات وللمواطنين، دون استثناء أو تمييز أو تقييد بمنطقة جغرافية أو وضع معين، وأرسى، من جهة ثالثة، مبدأ تساوي اللغتين العربية والأمازيغية في طابعهما الرسمي، وميز، من جهة رابعة، بشكل واضح، بين مستوى من الالتزام يهم اللغة الأمازيغية الرسمية، يتمثل في تفعيل طابعها الرسمي وإدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية وحمايتها وتنميتها، وبين مستوى ثان من الالتزامات، نص عليه في الفقرة الخامسة من الفصل الخامس، يتعلق بحماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة بالمغرب.

وأضفت المحكمة أن التنصيص على « اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة بالمغرب » والمعنية بعمل الدولة على حمايتها، أتى في الفقرة الخامسة من الفصل الخامس من الدستور غير مقرون باللغة الأمازيغية وحدها. 

وأبرزت أن  مدلول اللغة الأمازيغية المخول لها طابع الرسمية، والمعنية بمجال القانون التنظيمي المعروض، ينصرف إلى اللغة الأمازيغية المعيارية الموحدة، المكتوبة والمقروءة بحرف تيفيناغ، والمكونة من « المنتوج اللسني والمعجمي الأمازيغي الصادر عن المؤسسات والهيئات المختصة »، ومن مختلف التعبيرات الأمازيغية المحلية، بشكل متوازن ودون إقصاء، والتي لا تتخذ طابع المكونات اللغوية القائمة الذات، ولا تمثل بدائل عن اللغة الأمازيغية الرسمية، وإنما روافد تساعد على تشكيلها، على النحو المنصوص عليه في المادة الثانية .

تعزيز التواصل باللغة الأمازيغية 

واعتبرت المحكمة أن المادتين الثانية و33 تنصان، بالتتابع، على أنه « تعمل الدولة بجميع الوسائل المتاحة على تعزيز التواصل باللغة الأمازيغية وتنمية استعمالها في مختلف مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، باعتبارها لغة رسمية للدولة ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، وذلك من خلال: – تحديد التوجهات العامة لسياسة الدولة في مجال تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، وحمايتها وتنميتها وإدماجها، بكيفية تدريجية، في مختلف مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، باقتراح من المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية المحدث بموجب الفصل 5 من الدستور »، وعلى أنه « يقدم المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية دعمه التقني لمختلف المؤسسات والهيئات والسلطات العمومية المعنية بتنفيذ أحكام هذا القانون التنظيمي، وكذا مساعدته اللازمة لتمكينها من الالتزام بهذه الأحكام، كل واحدة فيما يخصها، وذلك وفق الكيفيات المحددة بموجب اتفاقيات بين المجلس والجهة المعنية ».

وأشار نفس المصدر إلى أنه إن كان الدستور أسند، بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل الخامس، إلى قانون تنظيمي تحديد صلاحيات المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وكيفيات سيره، فإن تنصيص القانون التنظيمي المعروض على صلاحيات مخولة للمجلس المذكور، يمليه ارتباط هذه الصلاحيات عضويا بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها، وهي مشمولات إلزامية للقانون التنظيمي موضوع نظر المحكمة الدستورية.

وسجلت المحكمة الدستورية أن القانون التنظيمي المعروض، تقيد، في تحديده لصلاحيات المجلس الوطني للغة والثقافة المغربية، بمجال مهمة المجلس، والمتمثلة على وجه الخصوص، في حماية وتنمية اللغة الأمازيغية، وراعى ما تستلزمه الفقرة الخامسة من الفصل الخامس من الدستور، من تحديد صلاحيات المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، بموجب قانون تنظيمي، مما تكون معه المادتان الثانية و33 مطابقتين للدستور.

ضمان تعليم الأمازيغية

وبخصوص المادة الثالثة فإن المحكمة الدستورية أشارت إلى أن هذه المادة تنص على أنه « يعد تعليم اللغة الأمازيغية حقا لجميع المغاربة بدون استثناء ».   

واعتبرت المحكمة  أن إقرار الأمازيغية لغة رسمية للدولة، واعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة دون استثناء، تترتب عنه حقوق لغوية وثقافية يتمتع بها المواطنات والمواطنون دون تمييز، تتمثل على وجه الخصوص في استعمال اللغة الأمازيغية، لغة رسمية للتواصل بمختلف أشكاله ووظائفه وعبر مختلف دعاماته، كما يترتب عنه، التزام على عاتق الدولة، يتمثل في ضمان تعليمها وتعلمها، تفعيلا لطابعها الرسمي.

وأضافت أن ارتباط الحقوق اللغوية والثقافية بسائر الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، يجعل تحقيق الغاية الدستورية المراد بلوغها من سن القانون التنظيمي، والمتمثلة في تمكن الأمازيغية من القيام بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية، يتوقف، في جانب منه، على إدماجها في مجال التعليم؛

وتبعا لذلك، حسب المحكمة الدستورية  فإن ضمان التمتع الفعلي بالحقوق اللغوية والثقافية المترتبة عن إقرار الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، يتوقف على إنفاذ الحق في تعليم اللغة الأمازيغية الرسمية، بضمان إلزاميته.

مراعاة الخصوصية الجهوية

المادتين الخامسة والثامنة، حسب ما ذكر قرار المحمة الدستورية  تنصان بالتتابع، على أنه « مراعاة للخصوصيات الجهوية، يمكن اعتماد التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة في بعض المناطق بجهات المملكة، إلى جانب اللغة العربية، لتيسير تدريس بعض المواد التعليمية في سلك التعليم الأولي والابتدائي بالمؤسسات التعليمية الموجودة بهذه المناطق »، وعلى أنه « يراعى في إعداد المناهج والبرامج والمقررات الدراسية الخاصة بتدريس اللغة الأمازيغية مختلف التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة في مختلف مناطق المغرب »؛

ويستفاد من هذه الأحكام، حسب نفس المصدر، من جهة  أن إمكانية اعتماد التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة في بعض المناطق بجهات المملكة، لا تتجاوز نطاق تيسير تدريس بعض المواد التعليمية في سلك التعليم الأولي والابتدائي، ومن جهة أخرى، أن اعتبار سائر التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة في مختلف مناطق المغرب في إعداد المناهج والبرامج والمقررات الدراسية الخاصة بتدريس اللغة الأمازيغية، يتم في إطار المراعاة، ولا يتعدى نطاق استحضار التعبيرات اللسانية المذكورة، تحقيقا لهدف تيسير التعليم والتعلم، ولا يمس بالطابع الرسمي للغة الأمازيغية، مما تكون معه المادتان الخامسة والثامنة، مع مراعاة هذا التفسير، غير مخالفتين للدستور.  

الأمازيغية في الجلسات العمومية للبرلمان

وأبرزت اللمحكمة الدستورية أن المادة التاسعة حيث تنص على أنه « تستعمل اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية في إطار أشغال الجلسات العمومية للبرلمان وأجهزته، ويجب توفير الترجمة الفورية لهذه الأشغال من اللغة الأمازيغية وإليها. تحدد كيفيات تطبيق أحكام الفقرة السابقة بموجب النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان ». 

ويحدد القانون التنظيمي المواضيع التي أدرجها الدستور في مجاله المحفوظ، الذي لا يجوز الانتقاص منه، تحت طائلة الإغفال، أو التوسع فيه إلى الميادين التي يختص القانون بالتشريع فيها، أو المجالات التي أسند الدستور تحديدها إلى النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان.

وأظهر إطلاع المحكمة الدستورية على المادة التاسعة ، أنها حددت كيفية إدماج اللغة الأمازيغية في إطار أشغال الجلسات العمومية للبرلمان وأجهزته، وأسندت تحديد كيفيات تطبيق ذلك إلى النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان. 

الأمازيغية في  المجال الإعلامي

تنص المادة 13 أنه « تعمل الدولة على تأهيل القنوات التلفزية والإذاعية الأمازيغية العمومية لتأمين خدمة بث متواصلة ومتنوعة، تغطي كافة التراب الوطني، مع تيسير استقبال هذه القنوات خارج المغرب. كما  تعمل الدولة على الرفع من حصة البرامج والإنتاجات والفقرات باللغة الأمازيغية في القنوات التلفزية والإذاعية العامة أو الموضوعاتية في القطاعين العام والخاص بما يتناسب ووضعها كلغة رسمية للدولة إلى جانب اللغة العربية. وتتولى الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري اتخاذ التدابير الكفيلة بذلك في نطاق اختصاصها لضمان تطبيق أحكام هذه المادة ».

وأضافت المحكمة الدستورية في قرارها أن الاختصاصات المخولة، بمقتضى هذه المادة إلى الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، تدخل في صميم مهمة السهر على احترام التعددية اللغوية والثقافية للمجتمع المغربي التي أوكلها الدستور إلى الهيأة المذكورة.

الأمازيغية في القضاء

واعتبرت المحكمة الدستورية أن المادة ثلاثين ، في فقرتيها الأولى والثالثة، تنص على أنه « تكفل الدولة للمتقاضين والشهود الناطقين بالأمازيغية، الحق في استعمال اللغة الأمازيغية والتواصل بها خلال إجراءات البحث والتحري بما فيها مرحلة الاستنطاق لدى النيابة العامة، وإجراءات التحقيق وإجراءات الجلسات بالمحاكم بما فيها الأبحاث والتحقيقات التكميلية والترافع وكذا إجراءات التبليغ والطعون والتنفيذ »، وعلى أنه « يحق للمتقاضين، بطلب منهم، سماع النطق بالأحكام باللغة الأمازيغية ».

وينص الدستور، في تصديره على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الثقافة أو الانتماء الجهوي أو اللغة، ونص في فصله الخامس على اعتبار اللغة الأمازيغية رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، وأقر في فصله التاسع عشر مبدأ المساواة في الحقوق الثقافية.  

ولفت المحكمة الدستورية إلى أن عبارة « الناطقين بالأمازيغية »، الواردة في الفقرة الأولى من المادة المذكورة، قد توحي بدلالات تمييزية بسبب اللغة أو الثقافة أو الانتماء إلى جهة معينة، مشيرة إلى أن سياق استعمال عبارة  » الناطقين بالأمازيغية » من قبل المشرع، في معرض كفالة حق استعمال اللغة الأمازيغية للمتقاضين أو الشهود، في مجال التقاضي، لا يستهدف تمييز الناطقين بالأمازيغية عن غيرهم، وإنما تيسير ممارسة حق الراغبين في استعمال اللغة الأمازيغية، ضمانا لحقهم في محاكمة عادلة. 

ونصت الفقرة الثالثة من المادة 30، على أن إعمال حق المتقاضين في سماع النطق بالأحكام باللغة الأمازيغية، يتم بطلب منهم، فإن الطلب المذكور يعني الكفالة التلقائية، لحق كل متقاض في سماع النطق بالأحكام باللغة الأمازيغية.

وتبقى الإشارة إلى أنه حسب الفصل 132 من الدستور الذي ينص في فقرته الثانية، على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور، مما تكون معه المحكمة الذستورية مختصة بالبت في مطابقة القانون التنظيمي المحال إليها للدستور.  


Poster un Commentaire

cinq + 9 =

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.