قانون مالية 2021 : بين الاجتهاد لعبور اكراهات المرحلة والعجز عن إبداع الحلول
قانون مالية 2021 : بين الاجتهاد لعبور اكراهات المرحلة والعجز عن إبداع الحلول
تباينت المواقف داخل مجلس النواب، يوم أمس، خلال جلسة المناقشة العامة لمشروع قانون المالية للسنة المالية 2021، بين فرق الأغلبية التي نوهت بمكاسبه و اجتهاده لعبور إكراهات المرحلة الحالية، و فرق و مجموعة المعارضة التي رأت أنه لا يعدو أن يكون مجرد « وثيقة تقنية ».
مشروع قانون المالية 2021 : اجتهاد لعبور إكراهات المرحلة
و في هذا الصدد، سجل الفريق الحركي أنه برغم إكراهات مشروع قانون مالية 2021 و سياق إعداده، فإنه لا يمكن إنكار مكاسبه و اجتهاده لعبور إكراهات المرحلة.
و أشار الفريق الحركي من جهة أخرى، إلى تغييب المشروع المعروض للإصلاحات الجوهرية في قطاعي التعليم و الصحة من خلال اعتمادات لم تخرج عن المألوف في ظل إجماع وطني على أولويات هذين القطاعين المستثمرين في الإنسان قبل المجال.
و دعا الفريق الحركي إلى اعتماد مخطط استراتيجي مبني على إصلاح ضريبي شامل قائم على العدالة و الإنصاف بدل مواصلة تضريب الطبقة المتوسطة و المقاولات المنهكة، مؤكدا الحاجة إلى التفكير في مأسسة التضامن الوطني عبر آلية الصندوق الوطني للدعم الاجتماعي في صيغة مؤسسة عمومية ذات شخصية معنوية و مستقلة، يدمج مختلف البرامج و الصناديق المشتتة قطاعيا و يعزز بمساهمات مختلف المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية و الأشخاص الذاتيين.
و من جهته أبرز فريق العدالة و التنمية (الأغلبية) أن عدد التعديلات المقبولة من طرف الحكومة تجاوزت 49 تعديلا سعت إلى تجويد هذا المشروع لما فيه من مصلحة البلاد والمواطنين، و دعما للقدرة الشرائية و محاربة الهشاشة و تقوية المقاولة المغربية و دعم فرص الشغل و النسيج الاقتصادي و إسناده لتجاوز تداعيات جائحة كورونا
و لفت فريق المصباح إلى أن التعديلات همت التدابير الجمركية و الجبائية لا سيما تشجيع تشغيل الشباب من خلال الرفع من مدة التشغيل من 24 شهرا إلى 36 شهرا ومن شرط السن (من 30 على 35 سنة) بالنسبة للأجراء الذين سيستفيدون من الإعفاء من الضريبة على الدخل بمناسبة أول تشغيل لهم في إطار عقد غير محدد المدة؛ و كذا المساهمة المهنية الموحدة للتغطية الصحية.
و حسب الفريق نفسه شملت هذه التعديلات، المساهمة التضامنية حيث تم اقتراح توسيع وعاء المساهمة التضامنية الملقاة على عاتق الشركات (تخفيض سقف الربح الصافي إلى 1.000.000 درهم عوض 5 مليون درهم) بالنسبة للشركات، و رفع سقف الدخل المفروضة عليه هذه المساهمة من 10.000 درهم شهريا إلى 20.000 درهم و تحديد الأسعار النسبية وفق منظور يجعل المساهمة تضامنية و مقبولة بالنسبة للأشخاص الذاتيين.
و بدوره، و بعد أن توقف عند السياق العام الذي جاء فيه مشروع قانون المالية شدد فريق التجمع الدستوري على أنه يتعين أن « تكرس الاصلاحات المنتظرة و المطلوبة من الحكومة بشكل استعجالي، مبدأ كرامة الانسان المغربي، بما يكفله الدستور و التشريعات و المبادئ و الحقوق و الواجبات و الحريات »، لافتا إلى ضرورة أن » تشكل الصحة حجر الزاوية لهاته الكرامة و الخدمات العلاجية لجميع المواطنين هدفها و ضمان جودة التعليم و جاذبية المدرسة العمومية و كرامة الشغل و الدخل غايتها « .
و دعا فريق التجمع الدستوري أيضا إلى تغيير أسلوب و تحديث أداء الإدارات و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية، تنظيميا و تكنولوجيا و سلوكا، للارتقاء إلى مستوى ما تتيحه المرحلة من إمكانيات وتحويل التحديات إلى فرص و قدرات في إطار تعاقد اجتماعي جديد، يكون حافزا على الانخراط الجدي في إنجاح النموذج التنموي الجديد.
و بالنسبة للفريق الاشتراكي فقد اعتبر أن تقوية الاقتصاد الوطني يجب أن تتأسس على ممكناته الذاتية، وعلى كل التراكمات التي حققتها البلاد، و على استثمار أنجع لقاعدة المعطيات الجديدة التي تشكلت لدى الإدارة خلال الجائحة، بما يساهم في تدارك الخصاص الكبير على مستوى شبكة الحماية الاجتماعية، و على مستوى فرص الشغل، و الولوج للخدمات الأساسية، خاصة منها الصحة و التعليم، بما يؤسس لتعاقدات وطنية ملزمة لمواصلة إصلاحات جذرية بضمانات تشريعية و مالية.
و أردف بالقول إن كل التدابير التي جاء بها قانون المالية لسنة 2021، و الأوراش الكبيرة التي شدد عليها سواء تلك المتعلقة بالتغطية الاجتماعية الشاملة أو في الشق المتعلق بالإنعاش الاقتصادي و التشغيل، أو فيما يخص إصلاح و هيكلة الادارة و المؤسسات العمومية؛ لن « تجد سبيلها إلى التحقيق، ما لم تحترم كل الأطراف سواء الحكومة و القطاع الخاص و القطاع البنكي، التزاماتهم المشتركة من أجل إعطاء مدلول عملي لإنعاش الاقتصاد و التشغيل ».
مشروع قانون المالية 2021 : عجز عن إبداع الحلول
و في هذا الشأن يرى الفريق الاستقلالي للوحدة و التعادلية (المعارضة) أن مشروع القانون المالي « يخلو من أي لمسة سياسية، و يوثق لعجز الحكومة عن إبداع الحلول و التدابير العملية، و يؤشر للفشل في الاستجابة لمتطلبات و انتظارات المواطنين في المدن و القرى « .
و أوضح الفريق الاستقلالي للوحدة و التعادلية، أنه انطلاقا من موقعه في المعارضة حرص الفريق على أن يجعل من هذا المشروع فرصة ثمينة لترتيب الأولويات، و إعطاء البعد الاجتماعي التضامني مدلوله الحقيقي، من خلال تقديم 56 تعديلا جوهريا، استهدفت بالأساس حماية صحة المواطنين من المواد المضرة، و تعزيز الحماية الاجتماعية، و حماية القدرة الشرائية، و إنعاش التشغيل سيما لدى حاملي الشواهد العليا، و دعم المقاولات الصغرى و المتوسطة و الصغيرة جدا، و تشجيع البحث العلمي و الابتكار.
و من جانبه اعتبر فريق الأصالة و المعاصرة أن مشروع قانون المالية لسنة 2021 يعد استثنائيا لأنه جاء في ظرفية استثنائية طبعتها الجائحة، و لا دخل للحكومة في توجهاته العامة باستثناء الأجراة التقنية، مضيفا أن المشروع يتعين أن يعمل على بلوة آليات تفعيل الأوراش الإصلاحية الكبرى، متسائلا عن مدى قدرة الحكومة على الأجراة المالية و تنفيذ هذه المشاريع.
و شدد فريق الأصالة و المعاصرة على أنه يتوجب على الجميع أغلبية و معارضة الانكباب على التنزيل السليم لهذه الأوراش، لافتا إلى أن المشروع لا يقدم أية حلول للاختلالات القطاعية، و مسجلا أن « معارضتنا تنصب بشكل موضوعي و دقيق على الاختيارات الحكومية و نتائجها بالنسبة للسياسات العمومية و طرق تنزيلها على أرض الواقع » .
و من جهتها، سجلت المجموعة النيابية للتقدم و الاشتراكية أنه بقدر انخراط المجموعة في التوجهات و المنطلقات العامة للمشروع التي تؤكد على الأوراش الكبرى، فإنها تعتبر اجراءات و تدابير هذا المشروع » محتشمة و عاجزة عن تقديم الأجوبة المنتظرة للأوضاع الصعبة « .
و أكدت أنه ليس بمقدور هذا المشروع « إعادة الثقة للفاعلين في تحقيق الانطلاقة الاقتصادية الكفيلة بتحريك آلية الإنتاج و معالجة الأوضاع الاجتماعية المتدهورة لفئات واسعة من المجتمع »، مشيرة إلى أن مشروع قانون مالية 2021 » و إن أتى ببعض التدابير و على أهميتها، فهي غير كافية وجد محدودة و لا تفتح أفقا لجميع للمغاربة خاصة في مجال التشغيل « .
يذكر بأنه من المرتقب أن يعقد مجلس النواب اليوم جلستين عموميتين ستخصص الأولى للتصويت على الجزء الأول من مشروع القانون المالي، في حين ستهم الجلسة الثانية مناقشة الجزء الثاني من مشروع القانون المالي، و التصويت على هذا الجزء، و كذا على مشروع القانون المالي برمته.
Poster un Commentaire