logo-mini

مجلس بوعياش يفصح عن روايته حول « احتجاجات الحسيمة » في تقرير رفض تسميته بحراك الريف

Partager

مجلس بوعياش يفصح عن روايته حول « احتجاجات الحسيمة » في تقرير رفض تسميته بحراك الريف

أفرج المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن مضامين تقريره حول احتجاجات الحسيمة، الذي تمت المصادقة عليه من قبل الجمعية العامة للمجلس في دورتها الثانية المنعقدة من 6 إلى 8 مارس 2020 مع توصية بنشره.

ويهدف التقرير إلى تقديم قراءة حقوقية لما جرى خلال ال12 شهرا من الاحتجاجات التي عرفها إقليم الحسيمة. حيث يضم 400 صفحة، وتمت صياغته خلال الفترة ما بين نونبر 2019 ومارس 2020.

وتناول التقرير، الذي تضمن 63 خلاصة و32 توصية، محاور تهم « كرونولوجيا احتجاجات الريف:28 أكتوبر 2016 -أكتوبر 2017″، و »المس بحرية العقيدة والعبادة »، و »مطالب احتجاجات الحسيمة .. وقائع ومآلات »، و »ادعاءات التعذيب وحالات العنف »، و »تحليل للمنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول احتجاجات الحسيمة »، و »تفاعل المجلس مع المعتقلين وعائلاتهم على خلفية احتجاجات الحسيمة. »

أحداث الحسيمة وليس حراك الريف 

اعتمد تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان مفهوم « احتجاجات الحسيمة » وليس حراك الريف، وذلك بحجة أن عبارة « احتجاجات الحسيمة  » تضمن أكبر قدر من الدقة والموضوعية، معتبرا أن مفهوم الاحتجاج يعتبر أحد ركائز حقوق الانسان. مردفا  » حيث نجد أن حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مضمونة » مشيرا إلى أنها كلها تدخل ضمن الاحتجاج.

وفي المقابل لم يستعمل تقرير المجلس مفهوم حراك الريف، بعلة أن هذا المفهوم يكتنفه الغموض لسببين أساسيين، أولهما حسب التقرير يدخل ضمن الناحية اللغوية، حيث يستعمل الحراك من فعل تحرك، بشكل مجازي، دون أن يسعف على تحقيق الدقة والضبط المطلوبين في تقرير حقوقي، كما أنه متشبع بشحنة ايديولوجية وسياسية عالية تجعله يعكس موقفا مسبقا من الوقائع التي يسعى التقرير لتوصيفها إلى جانب أنه يستعمل حراك بفتح الحاء والحراك بكسر الحاء دون تمييز.

ويتجلى السبب الثاني في رفض المجلس اعتماد مفهوم « حراك الريف »، في أن كلمة « الريف » لا تؤدي وظيفتها كظرف مكان بشكل دقيق للوقائع المراد توصيفها، ومع أن هذه الوقائع حدثت في إقليم الحسيمة، الذي يعتبر جزء من منطقة الريف، معتبرا أن استعمال « الكل » أي « الريف » للدلالة على « الجزء » أي « الحسيمة »، يفتقر إلى مسوغات منطقية، كما أنه ينطوي على تعميمات غير موضوعية ويبالغ في تضخيم المجال الجغرافي لما حدث.

كرونولوجيا احتجاجات الريف: 28 أكتوبر 2016 -أكتوبر 2017

قال تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان إن احتجاجات الحسيمة، بدأت مع بدأ مساءلة المسؤولين على وفاة محسن فكري « مضغوط » في آلة ضغط النفايات ثم توالت الأحداث والوقائع وصولا إلى الاحتجاجات التي دامت في شقيها السلمي والعنيف حوالي سنة.

وأردف التقرير أن توصيف احتجاجات الحسيمة بالتظاهر السلمي من أكتوبر 2016 إلى مارس 2017، معتبرا أن التظاهرات السلمية دامت حوالي 6 اشهر وهي من أطول المدد التي سجلها تاريخ الاحتجاج السلمي في المغرب، لافتا إلى أن الاحتجاجات السلمية نظمت بالليل كما النهار وقد شجع على التظاهر ليلا تزامن الاحتجاجات مع شهر رمضان.

وأضاف تقرير مجلس بوعياش أن المسيرات جابت العديد من الشوارع، وقطعت كل واحدة منها مسافات طويلة دون وقوع أي حادث، لافتا إلى أنه لأول مرة يتم التظاهر « خلال شهر ماي » بالطرق على الأواني المنزلية من السطوح وشرفات المنازل، علاوة على تنظيم مسيرتان للنساء باللباس الأسود واحدة ليلا والثانية نهارا مطالبة « بوقف مداهمات المنازل »، داعية إلى « احترام حرمة البيوت » وإطلاق سراح المعتقلين وتحقيق المطالب.

وسجل تقرير المجلس أن أعمال العنف بدأت بعد أول محاولة اعتصام بنصب الخيام بساحة محمد الخامس حيث خلف تفريقها إصابات مختلفة، وبعد ذلك توالت حسب التقرير أعمال العنف التي استعمل فيها الرشق بالحجارة والمقالع وإضرام النار أحيانا، وتميزت الاحتجاجات العنيفة غالبا بكون المحتجين الملثمين هم من يبادرون إلى استعمال العنف.

وتميزت الاحتجاجات العنيفة أيضا وفق التقرير بانها غالبا ما كانت تحدث نتيجة لرفض تنفيذ نداءات تفريق التجمهرات، وأحيانا بعد الرشق بالحجارة، حيث غالبا ما كانت هذه الأعمال تخلف إصابات في صفوف القوات العمومية، فيما أشار التقرير إلى أنه في إحدى الاحتجاجات انسحبت النساء من مقدمة الاحتجاج، ليتركن مكانهن للملثمين الذين بادروا بالرشق بالحجارة.

واعتبر تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان أن أعمال العنف تنتهي بإصابات متفاوتة وكانت تتخللها توقيفات واعتقالات، بما في ذلك القاصرين، مشيرا إلى أن مظاهرات التلاميذ بكل من امزورن وبني بوعياش وبوكيدارن ومنطقة بوسلامة، عرفت مواجهات عنيفة، أدت إلى إصابات واعتقالات.

وذكر التقرير أن محتجين حاصروا مروحية تقل وزراء ومسؤولين بمنطقة إساكن، ومنعوها من الاقلاع ورشقوها بالحجارة، مشيرا إلى أنه في شهر يونيو توالت الوقفات والاحتجاجات بشكل يومي تقريبا، كما تميز شهر يوليوز بتصعيد الاحتجاجات وتعدد المبادرات الحكومية.

ولفت التقرير إلى أن  أعمال الشغب والاحتجاج ذات الطابع العنيف، فوتت الفرصة للحوار حول مطالب لترصيد مشاريع التنمية في مواجهة ضعف التمدرس وارتفاع نسبة البطالة والنهوض بالحسيمة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. معتبرا أن الحكومة اتسمت بالتباس وعدم الانسجام أو الاتفاق تتراوح بين التنديد والمطالب بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة.

وأشار تقرير المجلس إلى أنه يمكن تصنيف الاحتجاجات بين فترتين من اكتوبر 2016 إلى مارس 2017، بأنها حافظت على الطابع السلمي بين طبعتها، بعد تاريخ 26 مارس 2017، عنف وأحيانا عنف حاد.

ويقسم التقرير حالات العنف الحاد بين تلك التي نتجت بين المحتجين والقوات العمومية وبين تلك التي نتجت عن هجوم مفاجئ على رجال القوات العمومية دون سياق الاحتجاج.

وأردف نفس المصدر أن أعمال العنف الحاد سجلت أكثر الاصابات خطورة وأكثر تكلفة، معتبرا أنه على صعيد الإصابات أدت إلى عجز عند رجال القوات العمومية، وعلى الصعيد النفسي والاجتماعي شكلت أعمال العنف الحاد صدمات عميقة ووسمت العلاقات الاجتماعية بشكل مزمن أحيانا.

ولعل أكثر الأحداث تشبعا بالعنف الحاد حسب تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تلك التي وقعت في 26 مارس 2017 عندما هاجم عدد من المتجمهرين مقر إقامة عناصر القوات العمومية في مسيرة تواصلت من مدينة بني بوعياش المجاورة لمدينة إمزورن. بإضرام النار أولا بحافلة النقل باستخدام الزجاجات الحارقة وإضرام النار في سيارة الشرطة وشاحنة كانت تحمل أمتعة عناصر الدعم، كما سمع ذوي انفجار قنينات غاز بنفس الإقامة.

وشملت الأحداث التي اتسمت بالعنف الحاد وفق التقرير، الاحتجاج على محاولة اعتقال ناصر الزفزافي، في 26 ماي 2016، وكذا احتجاجات 20 يوليوز 2017 ، بالإضافة إلى احتجاجات بحي سيدي عابد التي تقدمتها النساء المتظاهرات، غير أن أزيد من 200 شخص جاؤوا من جهة أخرى « وانضموا إلى المتظاهرين وبدأوا يرشقون عناصر الشرطة بالحجارة، وتراجعت النساء اللواتي كن في المظاهرة. واستمر المتظاهرون في الرشق بالحجارة والضرب بالعصي واستمرت أعمال العنف إلى ساعة متأخرة من الليل.

وهمت الأحداث التي تميزت بالعنف الحاد حسب ما ورد في تقرير المجلس، الاحتجاجات قرب مستشفى محمد الخامس بالحسيمة، في 20 يوبيوز 2017، وكذا احتجاجات بمنطقة بوجيبار واحتجاجات حي أفرار،علاوة على احتجاجات ظهر مسعود واحتجاجات شاطئ صباديا في 09 غشت 2017 والاحتجاجات يوم 3 شتنبر 2017.

وأبرز التقرير غيابا تاما للتواصل بين المحتجين والقوات العمومية، خلال سنة من الاحتجاجات، معتبرا أن تعاطي السلطات العمومية مع الاحتجاجات التي لم تكن مصرح بها أو التي لم يتم الإشعار بها من أي جهة منظمة، يؤشر على تأويل حقوقي يفتح الباب لتغير النصوص القانونية ذات الصلة.

وعبر المجلس عن قلقه من الطبيعة المعتمدة للعديد من حلقات العنف، حيث تبين خلال ذلك أن المحتجين كانوا مستعدين بشكل واضح للاشتباكات. مشيرا إلى أنه بالإضافة إلى ارتداء اللثام أو الأقنعة، كان الأخطر حمل بعضهم لأسلحة بيضاء، وبالخصوص أثناء اعتقالهم، وهذا أمر يصعب الدفاع عنه، دون الحديث عن العدد الكبير جدا لحالات استخدام العنف اللامشروع وذلك منذ ماي 2017 بنسبة 80 في المائة، التي غيرت بشكل جذري طبيعة الاحتجاجات التي شهدها إقليم الحسيمة.

وأكدت خلاصات التقرير أن الاجتماعات والتجمعات ال814 التي شهدتها الحسيمة، على مدى 12 شهرا، تطلبت 40 في المائة من الاحتجاجات تأطيرا خاصا من قبل السلطات العمومية وحوالي 8 في المائة فقط من الاحتجاجات تم استخدام القوة. لمبررات الحفاظ على النظام العام والسلامة الجسدية للأشخاص وضمان حق المواطنين في التنقل.

وأشارت خلاصات تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أن جميع هذه الاحتجاجات ال814 بدون استثناء، لم يقم المحتجون بتقديم أي طلب للحصول على أي تصريح أو إشعار، رغم أن تنظيم هذه المظاهرات كان مخططا له ولم يكن عفويا في غالبيته.

وأشار تقرير المجلس إلى تسجيل أعمال شغب واستعمال العنف اللا مشروع خلال فترات من الاحتجاجات، ترتب عنها اصابات بليغة جدا لبعض عناصر القوات العمومية وصلت إلى ما بين سنتين وشهور من العجز لعدد منهم. معبرا عن استنكاره لطبيعة الخطابات المتبادلة الحاطة من الكرامة، التي يمكن سوى أن تؤدي إلى تفاقم العنف من كلا الجانبين والتي ما كان لها في نظر المجلس أن تكون.

ما ترتب عن الاحتجاجات

أظهرت معطيات  تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول احتجاجات الحسيمة، معطيات أولية حول ما ترتب عن هذه  الاحتجاجات، وتحدث التقرير عن 814 مظاهرة، 340 منها تطلبت تأطيرا خاصا، فيما تم تفريق 60 مظاهرة، أي أقل من 10 في المائة من مجموع المظاهرات.

وترتب عن أعمال العنف الصادرة عن المحتجين، جرح 788 عنصرا من عناصر القوات العمومية، 178 عنصرا من القوات المساعدة و610 من المديرية العامة للأمن الوطني.

ونقلت مصادر إعلامية عن محمد الحسين كروط، محامي المديرية العامة للأمن الوطني في مرافعته أمام محكمة الاستئناف، وفق التقرير، أن الاحداث خلفت في المجموع 902 ضحية من ضمنهم  604 من رجال أمن و 178 من القوات المساعدة و 120 من الدرك و500 إصابة بجروح جسدية في صفوف القوات العمومية، ومعاناة 111 عنصرا من عناصر الأمن من مضاعفات عقلية، منهم 34 عنصرا تحث العناية الطبية النفسية  والحد الأقصى لمدة العجز الكلي المؤقت هو 760 يوما.

ومن جهة أخرى بلغ عدد الأشخاص الموقوفين 400 شخصا، منهم 129 قاصرا ، تم الاحتفظ ب45 منهم في الإصلاحية و 84 منهم تم تسليمهم لأوليائهم. فيما بلغ عدد الأشخاص الذين يقضون عقوبة سجنية إلى حدود مارس  49 شخصا.

وكشف التقرير أن الوسائل المستخدمة من قبل الشرطة، كانت هي الدروع الواقية والهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. 

ونقل محامي الطرف المدني خلال المحاكمة أن الخسائر قدرت بأكثر من 25 مليون درهم خسائر مديرية الأمن الوطني، وأزيد من من أربعة ملايين درهم بالنسبة للدرك، علاوة على ما يفوق مليون و160 ألف درهم بالنسبة للقوات المساعدة، فيما توصلت السلطات بشكايات من 136 تاجر صغير، منهم 56 منهم بمدينة الحسيمة و80 آخرين بمدينة إيمزورن، يطالبون بضرورة حماية النظام العام وذلك من جراء الاضرار الجسيمة التي ألحقت بتجارتهم.

مطالب احتجاجات الحسيمة .. وقائع ومآلات

أطهرت معطيات التقرير أن العديد من العوامل تداخلت لصياغة مطالب المحتجين بالحسيمة، التي عرفت وتيرة متصاعدة واختلافا من حيث الاستعداد للحوار من طرف العديد ورفضه من طرف بعض المحتجين. معتبرة أن توظيف الرموز بشكل يبعدها عن معانيها الحقيقية باعتبارها جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية المتعددة والغنية بمختلف روافدها.

واتسمت مطالب المحتجين حسب تقرير مجلس بوعياش، بكون أغلبها يندرج ضمن المطالب المعبر عنها في مختلف مناطق المغرب، مشيرا إلى أن هذه المطالب لم تأت متقطعة أو متدرجة وتبعا لأسبقيات بل جاءت متصاعدة ودون تراتبية إلى جانب ذلك فقد رفض الحوار مع المسؤولين.

وأشار تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أن مطالب المحتجين تميزت بالزيادة المضطردة في عناصرها وبتطور وتيرتها، وكذا تقديم المطالب ككتلة وعدم قابليتها للتراتبية، مشيرا إلى أنه من خلال البحث الدستوري والقانوني والتنظيمي تبين أن مطلب « إلغاء العسكرة » لاغ من ذاته.

وسجل التقرير أهمية الجانب الهوياتي، بارتباط مع الذاكرة المنطقة التي ساهمت في تأسيس المطالب على « المظلومية » و »الاستثنائية ». معتبرا أن بعض مطالب المحتجين تشترك ما بين الاجتماعي والاقتصادي والثقافي مع مطالب احتجاجات أقاليم أخرى، كما انفردت بمطالب ذات بعد تاريخي وفي شكل تقديمها وفي متطلبات الحوار حولها.

إلى ذلك اعتبر تقرير المجلس أن الحوار مع أعضاء الحكومة وشبه انعدامه مع منتخبي المنطقة لمدة 6 أشهر قد أثر سلبيا على منحى الاحتجاجات، كما أن المحاولات الأولى للحوار لم تعتمد على المقاربة التشاركية، مسجلا  أن التجاوب الفعلي الحكومة جاء في فترة كانت الاحتجاجات قد أخذت منحى تصاعديا.

وأبرز تقرير المجلس أن الاحتجاجات توسعت  لتشمل اشكال تدبير برنامج « الحسيمة منارة المتوسط »، بعد أن كانت مرتبطة بفتح تحقيق حول حادثة وفاة الشاب محسن فكري، وقد مرت الاحتجاجات المطالبة بذلك في جو سلمي. وتمكن المحتجون من تنويع أساليبهم وأوقاتهم عبر مسيرات كبيرة الحجم. وكانت هذه الاحتجاجات مؤطرة احيانا من طرف القوات العمومية وأحيانا دون وجودهم.

وسجل تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن احتجاجات الحسيمة انفردت بإعفاء وزراء ومسؤولين جهويين ومحليين وتشكيل لجنة للتفتيش وافتحاص من طرف مجلس الحسابات.

المس بحرية العقيدة والعبادة

اعتبر تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان حول احتجاجات الحسيمة ، أن حرمان المصلين من ممارسة حقهم في صلاة الجمعة، ومن إتمام الشعائر خطبة وصلاة الجمعة مما يعد مسا بحرية العبادة وحماية فضائها، وذلك خلال اقتحام ناصر الزفزافي المسجد أثناء خطبة الجمعة مقاطعا الإمام ومخاطبا المصلين.

وأشار التقرير أنه في سياق تواتر احتجاجات الحسيمة، وبتاريخ 26 ماي 2017، اقتحم ناصر الزفزافي المسجد أثناء خطبة الجمعة مقاطعا الإمام ومخاطبا المصلين، ما ترتب عنه وفق التقرير حرمان المصلين من ممارسة حقهم في صلاة الجمعة، حيث أم بهم الإمام في نهاية المطاف صلاة الظهر « أربع ركعات » عوض صلاة الجمعة وبالتالي حرمانهم من شعائر خطبة وصلاة الجمعة.

وأظهر  التقرير أنه على إثر هذه الواقعة وفي نفس اليوم، أمر الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، بإيقاف ناصر الزفزافي بداعي « عرقلة حرية العبادات داخل مسجد وتعطيلها أثناء صلاة الجمعة » واعتبرت النيابة في بلاغ لها عقب ذلك أن المعني « أقدم على منع الإمام من إكمال خطبته، وألقى داخل المسجد خطابا تحريضيا أهان فيه الإمام » وأنه « أحدث اضطرابا أخل بهدوء العبادة ووقارها وقدسيتها. »

وأكد المجلس في تقريره أن إلقاء ناصر الزفزافي لخطاب من على سطح منزل وهو في حالة الفرار، يعتبر نموذجا ملحوظا لخطاب التحريض على العنف والكراهية التي انتشرت نماذجه خلال الاحتجاجات، مذكرا بأنه لا يمكن تبرير مقاومة أي إيقاف، تحت أي ظرف كان في دولة يسودها القانون.

ادعاءات التعذيب وأعمال العنف

وصف المجلس الوطني الادعاءات التي قد تتوفر فيها عناصر مكونة للتعذيب أو الادعاءات قد يمكن تكييفها ضمن المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة عندما يتم استيفاء المعايير بها وإدعاءات باستعمال العنف لمقاومة الايقاف وحالات لم يؤكد الفحص تصريحات المعنيين.

وحسب تقرير المجلس فإن استنتاجات الفحص الطبي، تقاطعت ما بين طبيب السجن والطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق أو استشارة الوفد الطبي للمجلس في اغلب الادعاءات.

ورصد التقرير أنه تمت ممارسة العنف ضد القوات العمومية بالرشق بالحجارة وغيرها أثناء  فض التجمهرات، معتبرا أنه تمت مفاجئة القوات العمومية باستعمال عنف حاد غير مشروع.

وإلى ذلك أوضح تقرير المجلس أن المعتقلين تمتعوا بتواصل دائم مع عائلاتهم ومحاميهم واستفادوا من حصص المكالمات الهاتفية ومن الفسحة الضرورية ومتابعة طبية مستمرة، ولم يسجل أي حالة اعتقال في غرفة واحدة تستوفي الظروف الكارثية، « للعزلة » بالمعايير الدولية.

معطيات مضللة

اعتبر المجلس في تقريره خلال تدقيق المعطيات وتقاطعها،  أن عددا كبيرا من المعلومات غير واقعية وغير صحيحة وقد تم تداولها بشكل كبير على شبكات التواصل الإجتماعي وتفاعل معها عدد كبير من المواطنين داخل وخارج المغرب.

وشهدت احتجاجات الحسيمة وفق تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان سيولة استثنائية في تدفق المعلومات الخاصة بها حيث فاق العدد الإجمالي، الذي تم دراسته من طرف فريق المجلس، 10000 منشور.

وفي هذا الصدد قال المجلس إن أغلب المنشورات كميا حول موضوع احتجاجات الحسيمة  » انطلاقا من الكلمات المفتاحية الأكثر تمثيلا والمعتمدة »جاءت من مصادر خارج المغرب، مؤكدا أن أزيد من 81 في المائة هم من خارج المغرب، وهي بالتالي خارج منطقة الاحتجاجات « إقليم الحسيمة ».

وأظهر المسح على موقع تويتر يضيف تقرير المجلس أن نصف التغريدات حول الموضوع كانت من بلدان أوروبا الغربية، معتبرا انهم مستخدمين أكثر استهلاكا على الشبكة من نظرائهم في منطقة الحسيمة وفي المغرب.

وأبرز تقرير مجلس بوعياش أنه اعتبارا لتحليل الفيديوهات المباشرة على فيسبوك يتضح أن الخطاب المتضمن يعبر عن حمولات دينية واستغلال الذاكرة والرموز والشخصيات خارج السياق علاوة على بث التشهير والتضليل  » وإشكالات حقوقية أخرى » تساهم حسب المجلس غي تأجيج المشاعر وخلق تقاطبات عنيفة والتحريض، بالنظر للكم الهائل من المشاهدات والتفاعلات، والتي عرفت ارتفاعا كبيرا في الفترة الممتدة بين منتصف أبريل ونهاية ماي 2017.

توصيات المجلس

يوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان اعتماد على مدة وحجم الاحتجاجات والنتائج التي ترتب عنها، باحترام حق التظاهر السلمي، كمكسب من مكتسبات المسار الوطني في اختياراته الديمقراطية وحقوق الإنسان بما فيها إيجاد صيغ للتعاون مع السلطات العمومية في حفظ النظام العام وممارسة حق التعبير والتجمع.

و يوصي تقرير المجلي بإعمال التأويل الحقوقي في التظاهر السلمي بصرف النظر عن التصريح أو الاشعار، علاوة على احترام الحق في السلامة الجسمانية للمحتجين وعناصر القوات العمومية، فضلا عن العمل على تطوير المبادئ التوجيهية الوطنية التي تؤطر تدخل القوات العمومية وفقا للمبادئ الدولية في هذا الشأن.

ومن جملة التوصيات التي دعا إليها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أنه يجب ألا يكون استخدام مكثف لسلطات الايقاف والبحث، ويجب تفريد أي استخدام لسلطات الايقاف والتفتيش، وكذلك اعتقال المتظاهرين واحتجازهم، وأن يتم ذلك على أساس وقائع محددة بالإضافة إلى مطالبة السلطات العمومية بالتواصل مع الرأي العام بخصوص فض التظاهرات.

واعتبر المجلس في توصياته أنه يقع على عاتق الدولة واجب الحماية الفعلية للمتظاهرين، إلى جانب الأشخاص الآخرين، من أي شكل من أشكال التهديد والعنف من طرف أولئك الذين برغبون في منع الاحتجاجات أو تعطيلها أو عرقلتها، بما فيها « العناصر المستفزة » والمناوئة للمتظاهرين، كما يوصي بأنه يقع على عاتق السلطات حماية المواطنين غير الراغبين في المشاركة في التظاهرات.

ويوصي مجلس بوعياش كذلك بتعويض عناصر القوات العمومية التي أنهكت سلامتها الجسمانية خلال أعمال العنف غير المشروع والتكفل بالحالات التي تعاني من العجز طويل الأمد.


Poster un Commentaire

dix-neuf − 13 =

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.