logo-mini

مواد « مسربة » من مشروع قانون استعمال شبكات التواصل الاجتماعي تثير المخاوف بشأن حرية التعبير

Partager

مواد « مسربة » من مشروع قانون استعمال شبكات التواصل الاجتماعي تثير المخاوف بشأن حرية التعبير

أثارت مواد قيل إنها « مسربة » من مشروع قانون رقم 22.20، المتعلق باستعمال شبكات التواصل الإجتماعي و شبكات البث المفتوح و الشبكات المماثلة، جدلا واسعا بين رواد مواقع التواصل، بسبب الصيغة القانونية التي جاءت بها هذه المواد.

و خلفت مضامين المواد « المسربة » موجة غضب و انتقادات و تساؤلات عمت مواقع التواصل الإجتماعي، معتبرة أن المشروع المذكور يسعى إلى « تكميم أفواه المغاربة »، نظرا لكونه ينص علانية على عقوبات حبسية تصل إلى 3 سنوات بسبب الدعوة لمقاطعة بعض المنتوجات أو البضائع أو الخدمات أو القيام بالتحريض علانية على ذلك.

و وفق تقارير إعلامية فقد تسربت نسخة من مضامين مشروع قانون 22.20، يوم الإثنين 27 أبريل 2020، و هو المشروع الذي صادق عليه المجلس الحكومي المنعقد يوم 19 مارس 2020.

مكافحة الأنماط المستجدة من الجريمة الالكترونية

و كانت الحكومة اعتبرت أن مشروع هذا القانون الذي تقدم به وزير العدل، جاء في سياق التدابير القانونية و المؤسساتية التي تقوم بها المملكة لمكافحة الأنماط المستجدة من الجريمة الإلكترونية و تقوية آليات مكافحتها دون المساس بحرية التواصل الرقمي باعتباره صورة من صور ممارسة حرية التعبير المكفولة دستوريا.

و اعتبر الناطق الرسمي باسم الحكومة السابق الحسن عبيابة عقب المصادقة على مشروع هذا القانون، أن هذا الأخير يهدف إلى سد الفراغ التشريعي الذي تعاني منه المنظومة القانونية الوطنية لردع كافة السلوكات المرتكبة عبر شبكات التواصل الاجتماعي و الشبكات المماثلة، من قبيل نشر الأخبار الزائفة و بعض السلوكات الإجرامية الماسة بشرف و اعتبار الأشخاص أو القاصرين، وكذا تلك التي تمس الأمن العام و النظام العام الاقتصادي. 

و أشار نفس المتحدث إلى أن المشروع الجديد يتضمن عددا من المستجدات و المقتضيات الجديدة، تتمثل في التنصيص على ضمان حرية التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح و باقي الشبكات المماثلة، شريطة عدم المساس بالمصالح المحمية قانونا.

و سجل المصدر ذاته أنه سيتم الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المثارة في شأن مشروع قانون رقم 22.20، بعد دراستها من طرف اللجنة التقنية ثم اللجنة الوزارية المحدثتين لهذا الغرض.

و في مقابل رأي الحكومة حول هذا المشروع انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم مواد « مسربة » من مشروع هذا القانون، و هي المواد التي خلفت موجة غضب عارمة و جدلا كبيرا بسبب تضمنها لعقوبات حبسية صادمة تصل إلى 3 سنوات، حيث اعتبر الكثير من رواد مواقع التواصل أنها تمس بحرية التعبير وتقيدها على منصات التواصل الإجتماعي. 

مواد « مسربة«  مثيرة للجدل

تنص المادة 14 « المسربة » من مشروع القانون رقم 22.20، على أنه « يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات و غرامة من 5 آلاف إلى 50 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، من قام عمدا عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر شبكات البث المفتوح أو عبر الشبكات المماثلة بالدعوة إلى مقاطعة بعض المنتوجات أو البضائع أو الخدمات أو القيام بالتحريض علانية على ذلك.

و من مستجدات مشروع هذا القانون، المادة 15 « المسربة » و التي تنص على أنه « يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات و غرامة من 5 آلاف إلى 50 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، من قام عمدا عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر شبكات البث المفتوح أو عبر الشبكات المماثلة بحمل العموم أو تحريضهم على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان أو الهيئات المعتبرة في حكمها.

و من المواد « المسربة » أيضا و المثيرة للجدل، المادة 18 و التي تنص علانية على أنه « يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات و غرامة ألفين إلى 50 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، من قام عمدا عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر شبكات البث المفتوح أو عبر الشبكات المماثلة بنشر أو ترويج محتوى إلكتروني يتضمن خبرا زائفا من شأنه التشكيك في جودة و سلامة بعض المنتوجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدا و خطرا على الصحة العامة و الأمن البيئي.

مشروع القانون خطر على حرية التعبير

و تعليقا على هذه المواد « المسربة » المثيرة للجدل قالت الناشطة بمواقع التواصل الاجتماعي مايسة سلامة الناجي في تدوينة مثيرة على حسابها بموقع فيسبوك، « حكومة البزناسة تحاول تمرير قانون بحبس كل من يدعو إلى مقاطعة منتجات / ينتقد منتجات. » مضيفة :  » يستغلون مؤسسات الشعب لحماية شركاتهم ».

و أضافت سلامة الناجي عبر فيديو نشرته على حسابها بموقع فيسبوك، « أن مشروع هذا القانون هو انتقام من الذين دعوا إلى المقاطعة سنة 2018، و لا يمكن أن يكون قد اقترحه سوى واحد من أولئك الذين تضررت شركاتهم ».

و أشارت المتحدثة في تدوينة مرفقة بهذا الفيديو إلى أن « الحكومة تحولت إلى محامي الباطرونا ضد المستهلك و ضد المواطن و حقوقه و حرية التعبير ». مضيفة :  » في وقت نفس الحكومة فشلت في تمرير قانون لمعاقبة الاثراء غير المشروع ».

و في سياق متصل تفاعل الناشط الحقوقي خالد البكاري بدوره مع المواد المسربة من مشروع القانون 22.20، معتبرا أن هذا المشروع يثير مجموعة من علامات الاستفهام، أولها حول توقيت إدراجه للمناقشة في المجلس الحكومي يوم 19 مارس 2020، في ظل انشغال المغاربة بتدبير جائحة كورونا و تداعياتها على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي.

و تابع البكاري قائلا في مقطع فيديو نشر على موقع فيسبوك  » أن من يقف وراء مشروع القانون 22.20 لا يفكرون سوى في مصلحة طبقة اقتصادية ريعية احتكارية و لذلك فكروا في تمرير هذا القانون في هذه الظروف ».مضيفا أن « عدم نشر هذا المشروع في الجريدة الرسمية يبين نية الاخفاء حتى يتم اختيار التوقيت المناسب لتمريره في البرلمان ».

و سجل الناشط الحقوقي « أن هناك نقاشا مغلوطا حول من سرب هذه الوثيقة و لأية أهداف »، معتبرا أن « هذه الوثيقة لم يكن يجب أن تسرب بل كان يجب أن توضع أمام العموم »، و زاد قائلا  » المبدأ الدستوري واضح المتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومة، فما بالك بمعلومة سترهن حريات الناس و حقهم في التعبير ».

و أردف البكاري أن « الخطير في هذا القانون ليس فقط في فصوله أو بنوده و إنما في الفلسفة التي تقف خلفه و الاختيارات التي تؤطره و خلفيته المتعلقة بخدمة مصالح مركبات اقتصادية ريعية  و احتكارية و لو على حساب الظروف التي يمر منها البلد و على حساب حرية الناس و حقوقهم ».

و أوضح المصدر ذاته أن « المطلوب ليس هو تعديل هذا القانون و تجويده بل سحبه بالمرة »، معتبرا « أن تمرير هذا المشروع و المصادقة عليه من طرف البرلمان سيبقى و صمة عار على كل الأحزاب التي ساهمت في إنتاج هذا المشروع و في المصادقة عليه ».

و من جهته أطلق الأستاذ الجامعي و المحلل السياسي عمر الشرقاوي عريضة إلكترونية موجهة إلى الحكومة و البرلمان تحت عنوان :  » قانون 22.20 لن يمر »، و ذلك رفضا لمشروع القانون المتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي.

و جاء في هذه العريضة الالكترونية أن الحكومة تستعد لتمرير مشروع قانون 22.20 يتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح و الشبكات المماثلة بعيدا عن القيم الدستورية القائمة على التشاركية.

و أردفت العريضة :  » نعلن نحن المواطنون و المواطنات، رفضنا المطلق لمشروع القانون 22.20 المشؤوم. » و ذلك نظرا لما يتضمنه المشروع من قواعد قانونية فضفاضة يترتب عن خرقها جزاءات حبسية مشددة، و غرامات مالية ثقيلة، و كذا خوفا من استغلال الحكومة لظروف غير عادية لتمرير قانون ضار بالحقوق الفردية و الجماعية و ماس بسيادة القانون و دولة المؤسسات.

و اعتبرت العريضة أن رفض مشروع القانون جاء أيضا لما يشكله من خطورة واضحة على منظومة حقوق الإنسان و على حق التعبير كما تتوخى ذلك الوثيقة الدستورية و يتنافى مع المرجعيات الحقوقية الدولية التي صادقا عليها المغرب.

مشروع القانون لا يزال قيد الدراسة

و من جهة أخرى دخل مستشار رئيس الحكومة نزار خيرون على خط الجدل القائم حول هذا المشروع معتبرا أن  » مشروع القانون المعني لم يحل بعد على البرلمان، لأنه ما يزال قيد الدراسة في لجنة تقنية شكلت لهذا الغرض و لا يزال قيد التطوير قبل أن يحال على لجنة وزارية للدراسة والاعتماد ».

وأضاف خيرون في تدوينة له على حسابه بموقع فيسبوك، « أن الصيغة التي نشرت، هي لمشروع أولي في البداية أصبح اليوم متجاوزا، ونشرها في هذا الوقت بالذات ليس بريئا ».

و لفت مستشار رئيس الحكومة إلى أنه روج مساء الإثنين 27 أبريل 2020 عبر مواقع التواصل الإجتماعي فقرات من مواد منسوبة إلى مشروع قانون رقم 22.20، و كون تلك الصيغة هي التي تم اعتمادها و أحيلت من طرف الحكومة على البرلمان ، وهذا أمر غير صحيح، » وفق نفس المتحدث.

و نقل خيرون في تدوينة بموقع فيسبوك عن وزير العدل محمد بنعبد القادر قوله في تصريحات صحفية إن  » مجلس الحكومة صادق على المشروع في 19 مارس 2020، لكنه لم يحل إلى حد الآن على البرلمان، هذه المسطرة معمول بها فيما يخص المشاريع التي لا تحظى بإجماع داخل الحكومة و يتم تبنيها بتحفظ. لا توجد نسخة نهائية للمشروع، و عندما يتم ذلك ستحال على البرلمان من قبل رئيس الحكومة ».

و في سياق متصل قال وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان و المجتمع المدني المصطفى الرميد  في توضيح له عبر حسابه على موقع فيسبوك « إن الصيغة النهائية للمشروع هي التي سيتم إحالتها على البرلمان، و هي التي يمكن مناقشتها و قبولها أو رفضها، أما ما يتم تداوله حاليا من مضامين، فقد سبق الاعتراض عليه من قبل أعضاء الحكومة، لذلك فإنها تبقى غير نهائية، و يبقى أي نقاش حول مواد بعينها سابق لأوانه ».

و من جهته قال البرلماني عن حزب العدالة و التنمية عبد العالي حامي الدين في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك، إنه  » قبل إحالة مشروع قانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الإجتماعي على البرلمان، و في غياب حالة الاستعجال، يتعين على وزير العدل إعمال المقاربة التشاركية في مدارسة مقتضيات هذا المشروع مع كل من النقابة الوطنية للصحافة المغربية و المجلس الوطني للصحافة و الجمعيات الحقوقية الوطنية و الجمعيات المدنية المهتمة بحرية الإعلام و مدراء نشر الجرائد و المواقع الوطنية، و ذلك احتراما لما جرى به العمل بالنسبة لجميع مشاريع القوانين المماثلة التي أشرفت عليها وزارة العدل و الحريات في المرحلة السابقة ».

مشروع القانون مسرب من الأوساط الحكومية

و بدوره تفاعل الأمين العام لحزب التقدم و الاشتراكية نبيل بن عبد الله مع تسريب مواد من مشروع القانون رقم 22.20، قائلا : « إن النص المنسوب إلى الحكومة يبدو أنه مسرب من الأوساط الحكومية، في وقت لم تتم فيه المصادقة بشكل رسمي بعد على هذا المشروع وفق ما صرح به له رئيس الحكومة سعد الدين العثماني »، مشيرا إلى أن هناك لجنة وزارية بصدد الاشتغال على مشروع القانون.

و اعتبر بنعبد الله في مقطع فيديو عبر الصفحة الرسمية لحزب التقد و الاشتراكية، أن « التسريب الذي تم في هذه الأجواء من الوحدة الوطنية و التعبئة الشاملة، يعد مسألة غير مسؤولة تماما »، مشددا على أنه « إذا كانت للحكومة مشاكل بالنسبة لتماسكها و لمكوناتها المختلفة، فيجب عليها أن تعالجها بشكل آخر و ليس في وقت محاربة جائحة كورونا التي نحتاج خلالها تقوية التماسك و الوحدة الوطنية لا تصفية الحسابات بهذه الطريقة و إشعال النار في شبكات التواصل الاجتماعي بنص من هذا النوع ».

و شدد الأمين العام لحزب الكتاب على أنه  » إذا ثبت غدا أن هذا النص هو النص النهائي، فلا يمكن لنا في حزب التقدم و الاشتراكية إلا أن نعارضه بشدة، و نعمل كل ما في وسعنا من أجل مراجعة المواد التي لا تتماشى مع فضاء الحريات الذي ننشده ».


Poster un Commentaire

seize − neuf =

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.