نحن خارجون عن القانون : مغاربة يطلقون عريضة لتقنين العلاقات الجنسية خارج الزواج والإجهاض
نحن خارجون عن القانون : مغاربة يطلقون عريضة لتقنين العلاقات الجنسية خارج الزواج والإجهاض
مازال الجدل حول موضوع الحريات الفردية متواصلا في المغرب، وأخر فصول هذا الجدل دعوة الكاتبة ليلى سليماني والمخرجة صونية التراب إلى إسقاط القوانين المجرمة للعلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج والإجهاض، وخاصة الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي، الذي يعاقب بالسجن عن العلاقات الجنسية الخارجة عن إطار الزواج.
قوانين عفى عليها الزمن
ونشرت السليماني والتراب عريضة إلكترونية ، تحثان من خلالها الفاعلين في المجال الحقوقي والنسائي والأدبي والمثقفين على التوقيع عليها، معتبرتين أن القوانين التي تمنع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج والإجهاض، قوانين تجاوزها الزمن.
وتضمنت العريضة الإلكترونية ، »نحن، مواطنات ومواطنون مغاربة، نعترف بأننا خارجون عن القانون.. نعم، نحن نخرق كل يوم قوانين جائرة، قوانين بالية أكل عليها الدهر وشرب، نعم، عشنا أو لازلنا نعيش علاقات جنسية خارج إطار الزواج، مثل الآلاف من مواطنينا، عشنا أو مارسنا أو كنا شركاء أو متواطئين في عملية إجهاض. »
وجاء في العريضة أيضا، « اليوم لم أعد أريد أن أشعر بالخزي. أنا التي أحب، أو أجهض، أو أعيش علاقات جنسية بدون زواج، أنا التي أعيش في السر… أنا التي مع كل فعل حب، أكون عرضة للعار والفضيحة والسجن ».
ووقع على هذه العريضة الإلكترونية نحو 490 من رجال السياسة والفكر ونشطاء حقوقيون ومثقفون وفنانون وصحافيون يطالبون فيها بإعادة النظر في الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي، الذي يجرم العلاقات الجنسية التي تتم خارج إطار الزواج. كما حظيت بصدى لدى وسائل الإعلام .
وقالت صاحبتي العريضة ليلى السليماني وصونيا التراب، إن هذه القوانين الناسفة لمبدأ الحرية، تحولت إلى أدوات للإنتقام السياسي والشخصي، ومثل سيف ديموقليس المسلط على الرقاب، الذي لا ندري في أي وقت قد يضرب. وتذكرنا بأن حياتنا ليست ملكا لنا. معتبرتين أن هذه الثقافة القائمة على الكذب والنفاق، تولد العنف والعشوائية والتعصب.
محاكمات
العريضة لفتت إلى أنه خلال سنة 2018، تم في المغرب محاكمة أكثر من 14503 شخصا طبقا للفصل 490 من القانون الجنائي، والذي يعاقب بالسجن عن العلاقات الجنسية التي تتم خارج إطار الزواج. مضيفة أنه في نفس السنة، تمت محاكمة 3048 شخصا بتهمة الخيانة الزوجية. معتبرة أنه في كل يوم، تمارس ما بين 600 و 800 عملية إجهاض، وبشكل سري. متسائلة، هل يجب أن نزج بكل هؤلاء في السجن كي تنتهي المهزلة ؟ هم وشركائهم من أطباء ومناضلين وجمعويين أيضا؟
واعتبرت العريضة التي رفعت شعار « كلنا خارجات وخارجون عن القانون… إلى أن يتغيّر القانون! » أن المجتمع المغربي بلغ مرحلة أصبح التغيير فيها ضرورة تاريخية، وثقافية ملحة، مؤكدة أنه تغيير سيفرض احترام الحياة الخاصة للأفراد، والحق في التصرف في أجسادهم.
رسالة إلى الحكومة والأحزاب
وجهت العريضة رسالة إلى الحكومة والأحزاب والمؤسسة التشريعية والدستورية والمجتمع المدني والناس الذين مسّهم الأذى وظلوا صامتين، كي ينظروا إلى الوضع الكارثي على حقيقته ويتحلّوا بالشجاعة المطلوبة لطرح نقاش وطني حول الحريات الفردية. مشيرة إلى أنه لم يعد في استطاعتنا أن نتجاهل الواقع المأساوي بحجّة أنه يختلف مع الصورة التي نريد تسويقها عن أنفسنا.
وسجلت العريضة أن معركة الحريات الفردية ليست معركة نخبوية، وإنما معركة من أجل الحق في الكرامة، الحق في الحرية، الحق في حماية الحياة الخاصة والحميمة. ومن يعتبر هذه الأمور غير ذات « أولوية »، فهو لا يؤمن بشمولية وكونية حقوق الإنسان. بل لا يؤمن بالإنسان!
واعتبرت العريضة أن نساء ورجالا ، محافظون أو تقدميون، وشخصيات عمومية أو مواطنون ، من كل الأوساط وكل الجهات، يجرؤون ويتصالحون مع اختياراتهم، يستمتعون ويخلدون وجودهم بأنفسهم، يكسرون القيود ويعبثون بالقوانين لأنهم يحبّون. مؤكدة أن كل هذا يحدث في السر وضد القانون.
تفاعل مع العريضة الإلكترونية
تفاعلت صحيفة « لوموند » الفرنسية واسعة الإنتشار، مع هذه الحملة المتعلقة بالحق في الإجهاض والحق في ممارسة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، الصحيفة كتبت افتتاحية يوم الإثنين 23 شتنبر 2019 تنتقد فيها السلطة لأنها تساير المجتمع المحافظ وتدعوها إلى التوقف عن « النفاق » فيما يخص المواقف من الحرية الجنسية، وفق ما أوردت مصادر إعلامية.
وأضافت ذات المصادر أن إفتتاحية الصحيفة الفرنسية الأكثر تأثيرا نشرت عريضة وقعها 490 شخصا على رأسهم ليلى السلبماني وصونيا التراب ممن يدعون إلى الحرية الجنسية وتقنين الإجهاض، الصحيفة الفرنسية أكدت أن النظام السياسي لا يزال مهوسا بعذرية المرأة، بل ويستخدم سلاح الأخلاق في تسوية الحسابات السياسية، تورد المصادر نفسها.
ومن جهة أخرى عرفت هذه الحملة تفاعلا كثيفا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب الباحث الإسلامي، محمد عبد الوهاب رفيقي المعروف بأبو حفص « إذا كان الاعتقاد والإنسان له كامل الحرية في اختياره وإيمانه بما هو مقتنع به، فكيف بما دونه من الاختيارات السلوكية، معربا عن اعتقاده بأن معركة الحريات الفردية، وحماية الاختيارات الشخصية هي مسؤوليتنا جميعا، دعما لقيمة الحرية، وصونا لحياة الناس الخاصة وحميمياتهم من التدخل من أي جهة أو طرف.
وأعرب الباحث في شؤون الحركات الإسلامية على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك »، عن تأييده وبقوة لكل نضال من أجل رفع القوانين التي تتدخل في الاختيارات الشخصية للأفراد، والتي لا تتناسب إطلاقا مع السياق الثقافي والتاريخي الذي نعيشه اليوم.
وأكد رفيقي أنه مؤمن وبقوة بأن الناس أحرار في أن يختاروا بمحض إرادتهم ما شاءوا من اعتقادات وسلوكيات وتصرفات لا تمس بالآخرين، بعيدا عن أي سلطة كانت قانونية أو دينية أو اجتماعية.
Poster un Commentaire